للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} معناه علمه بسرنا وجهرنا.

فإن قيل: فيجب أن تحمل قوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} على العلم كما حملت قوله {وَفِي الْأَرْضِ} على العلم.

قيل: الآية هكذا تقتضي أن المراد بها علمه ما في السماوات وفي الأرض، ونحن لسنا نمنع أنْ يكون علمه ما في السماوات وفي الأرض، لأنَّ في الآية قرينة دلَّتْ على العلم، وغيرها من الآيات والأخبار مُطْلقة ليس فيها ما دلَّ على العلم، فحملناها على ظاهرها، على وجه لا يفضي إلى الحدِّ والجهة.

٢٢٨ - وقد روى أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان في جملة حديثه عن الشافعي بإسناده: عن عبد الله بن الحسين المصيصي قال: دخلت طَرْسُوس، فقيل لي ها هنا امرأة قد رأت الجنَّ الذين وَفِدُوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأتيتُها فإذا هي امرأة مستلقية على قفاها، فقلت: رأيت أحدًا من الجنِّ الذين وفدوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: نعم، حدثني عبد الله (١) سمحج قال: قلت: يا رسول


= ويوحده ويقرُّ له بالإلهية من في السماوات ومن في الأرض، ويسمونه الله، ويدعونه رغبًا ورهبًا، إلا من كفر من الجني والإنس. وهذه الآية -على هذا القول- كقوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} أي هو إله من في السماء وإله من في الأرض، وعلى هذا فيكون قوله {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} خبرًا أو حالًا.
والقول الثاني: أن المراد أنه الله الذي يعلم ما في السماوات وما في الأرض من سر وجهر، فيكون قوله (يعلم) متعلقًا بقوله {فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} تقديره: وهو الله يعلم سركم وجهركم في السماوات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون.
والقول الثالث: أن قوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} وقف تام، ثم استأنف الخبر فقال {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} وهذا اختيار ابن جرير. اهـ.
(١) في الأصل: عبد الله بن سمحج، وهو خطأ.

<<  <   >  >>