للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعلم أنَّ الكلام في هذا الحديث، كالكلام في الذي قبله، وأنَّه لا يمتنع إطلاق ذلك عليه، وحمله على ظاهره إذ ليس في ذلك ما يُحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لأنَّا لا نُثبت عَجبا هو تعظيم لأمرٍ دَهَمَة استعظمه لم يكن عالمًا به، لأنَّه مما لا يليق بصفاته، بل نُثبت ذلك صفة كما أثبتنا غيرها من صفاته (١).

فإن قيل: المراد به تعظيم ذلك وتكثيره عند أهله حثًّا على فعلها، وترغيبًا في المبادرة إليها، ويحتمل أن يكون المراد به الرِّضا له والقبول، لأنَّ من أعجبه الشيء فقد رَضِيَه، ولا يصح أنْ يَعجب مما يُسخطه ويكرهه.

٢٣٨ - وقد أومئ أبو عبد الله بن بطة إلى هذا في كتاب "الإبانة" فقال: التعجب على ضربين: أحدهما المحبة بتعظيم قدر الطاعة، والسخط بتعظيم قدر الذنب، ومن ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "عجب ربك من شاب ليست له صبوة" أي أنَّ الله مُحِبٌ له راضٍ عنه، والتعجب على معنى الاستنكار للشيء، ويتعالى عن ذلك، لأنَّ الاستنكار هو الجاهلُ الذي لا يعرف فلما عرفه استنكره (٢) وعجب منه.


= "شرح العلل" لابن رجب (ص ١٣٨): قال قتيبة قال أحمد: أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح، قلت: لأنا كنا نكتب من كتاب عبد الله بن وهب ثم نسمعه من ابن لهيعة. اهـ. ورواية ابن وهب عنه صحيحة كما هو معلوم لأنه من العبادلة.
ورواه عن ابن لهيعة: كامل بن طلحة وهشام بن عمار، أخرجه ابن أبي عاصم (١/ ٢٥٠) (عن هشام وحده) وابن عدي في "الكامل" (٤/ ١٤٦٥ - ١٤٦٦).
(١) قلت: وهو الصواب الذي عليه سلف الأمة، أن تثبت الصفات كما جاءت دون تأويل.
(٢) هو في الأصل: استكبره وفي المواضع السابقة: الاستكبار، وهو خطأ.

<<  <   >  >>