للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن مسعود كان يقرأ بضم التاء، وروي عن شريح إنكار هذه القراءة (١)،


(١) صحيح، أخرجه الحاكم (٢/ ٤٣٠) وعنه البيهقي في "الأسماء" (ص ٤٧٥) عن أبي زكريا العنبري حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: قرأ عبد الله -رضي الله عنه- {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}، قال شريح: إن الله لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم، قال الأعمش فذكرت لإبراهيم فقال: إن شريحًا كان يعجبه رأيه، إن عبد الله كان أعلم من شريح، وكان عبد الله يقرأها {بَلْ عَجِبْتَ}.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قالا، محمد بن عبد السلام عن ابن بشار أبو عبد الله النيسابوري ثقة، له ترجمة في تذكرة الحفاظ (٢/ ٦٤٩). وأخرجه الفرّاء في "معاني القرآن" (٢/ ٣٨٤) قال حدثني مِندل بن علي العنزي عن الأعمش قال قال شقيق: قرأت شريح … فذكر نحوه.
وإسناده ضعيف لضعف مندل.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٨٢) إلى أبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقال ابن جرير في تفسيره (٢٣/ ٢٩): قوله {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)} اختلفت القراء في قراءة ذلك فقرأته عامة قراء الكوفة {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)} بضم التاء، من عجبت بمعنى بل عظم عندي وكبر اتخاذهم لي شريكًا وتكذيبهم تنزيلي وهم يسخرون.
وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة (بل عجبتَ) بمعنى بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن، والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
فإن قال قائل: كيف يكون مُصيبًا القارئ بهما مع اختلاف معنييهما؟ قيل: إنهما وإنْ اختلف معنياهما فكل واحد من معنييه صحيح، قد عجب محمد -صلى الله عليه وسلم- ما أعطاه الله من الفضل، وسخر منه أهل الشرك بالله.
وقد عجب ربُّنا من عظيم ما قاله المشركون في الله، وسخر المشركون مما قالوه. اهـ وللفراء كلام نفيس جار على قاعدة السلف في فهم صفات الخالق سبحانه فقد قال في "معاني القرآن" (٢/ ٣٨٤): و"العجب" وإن أُسند إلى الله، فليس معناه من الله كمعناه من العباد، ألا ترى أنه قال: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} وليس السُخْرِيُّ من الله كمعناه من العباد، وكذلك قوله {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ليس ذلك من الله كمعناه من العباد، ففي ذا =

<<  <   >  >>