للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما قوله: "كل شيء أدركه بصره من خلقه" معناه: أنَّ نور وجهه يحرق ما يدركه من خلقه.

٢٧٥ - وقد ذكر أبو عبد الله بن بطة في كتاب "الإبانة" قال أبو بكر عبد العزيز قال: أبو بكر أحمد بن هرون قال سألت ثعلبًا عن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لأَحرقت سُبُحات وَجهه" فقال: السَّبحات -يعني من ابن آدم- الموضع الذي يَسْجد عليه (١).

فإن قيل: الحجاب راجعٌ إلى الخَلْق، لأنهم هم المحجوبون عنه بحجابٍ يخلقه فيهم، وهو عدمُ الإدْراكِ في أبصارهم، ولا يجوز أنْ يكون الله سبحانه مُحتجبًا ولا محجوبًا بحجاب، لأنَّ ما سُتِر بالحجاب، فالحجاب أكبر منه ويكون متناهيًا محاذيًا جائزًا عليه المماسة، ومنه قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥]. فجعل الكفار مَحْجوبين عن رؤيته لما خُلِق فيه من الحجاب، ويبين هذا أنه لم يُضف الحجاب إلى الله تعالى بل أطلق ذكر الحجاب.

ويبين صحة هذا: ما رَوى علي كرم الله وجهه، رواه عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي أنه مَرَّ بقَصَّابٍ وهو يقول: لا والذي احتجب بسبعة أطباق، فقال علي -رضي الله عنه-: "ويحك يا قصاب، إنَّ الله لا يحتجب عن خلقه" وفي لفظٍ آخرٍ "إن الله لا يحتجب عن خلقه بشيء ولكن حَجَب خلقه عنه" (٢).


(١) لم أجده في المطبوع من كتاب "الإبانة" وهو يحوي المجلد الأول من الكتاب الأصلي. وسيذكر المصنف أحاديثًا وآثارًا أخرى، ولعلها في الباقي من الكتاب الذي لم يطبع.
وفي لسان العرب (٣/ ١٩١٦): ويقال السُّبُحاتُ مواضع السجود. ولم يعزه لأحد.
(٢) لم أجده.

<<  <   >  >>