للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل: هذا غَلَطٌ، لما بيّنا أننا نُثبت حجابًا لا يُفضي إلى التناهي والمحاذاة والمُمَاسَّة، كما أثبتنا رؤيته لا على وجه التناهي والمحاذاة.

وقوله: "لم يُضف الحجاب إليه" غلطٌ، لأن في حديث أبي موسى: "حجابه النور" وهذا صريح في الإضافة.

وأما قوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥].

فلسنا نمنع أنْ يكون الخلق في حجابٍ عن ربهم، ولا نمنع إنْ يكون دونه حجاب نور، لوُرود الشرع بذلك، فليس في الآية ما ينفي ذلك.

وأما ما رُوي عن علي فإنما أنكر على القصاب حجابًا معقولًا، لأنَّ القصاب قال: احتجب بالسماوات، فرجع الإنكار إلى ذلك، ونحن لا نصف الحجاب بذلك.

وعلى أنه يعارض قول عليَّ ما ذكره أحمد بن سليمان النَّجاد بإسناده: عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أنه قال: "والذي نفسي بيده، إنَّ دون الله يوم القيامة سَبعون ألفَ حجاب إن منها حجابٌ، من ظُلمةٍ ما ينفذها شيءٌ، وإن منها لحجاب من نُورٍ ما يستطيعه شيءٌ، وأن منها حجابًا لا يَسمعها أَحَدٌ لا يَربط الله على قلبه إلا انْخَلَعَ فُؤاده" (١).

فإنْ قيل: قوله في حديث ابن سمرة: "بينه وبين الرب حجاب" المراد به حجاب العبد من رحمة الرب، يعني أنَّه كان ممنوعًا من الرحمة، وقوله:


(١) موقوف صحيح، أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (٢٧٣) حدثنا الوليد حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا ابن أبي حازم حدثنا أبو حازم عن عمر بن الحكم ابن ثوبان عن عبد الله موقوفًا بنحوه.
ورجاله ثقات، سوى عمر بن الحكم فإنه تابعي صدوق، والوليد هو ابن أبان الأصبهاني، ثقة. وأورده السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (١/ ١٥ - ١٦) عن أبي الشيخ.

<<  <   >  >>