للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أدخله على ربي" معناه: في رحمة ربي.

قيل: من سبق في علمه أنه يرحمه، لم يجعل بينه وبين رحمته حجاب، وكذلك من سبق في علمه عذابه، لا يجعل بينه وبين العذاب حجاب.

وأما تأويلهم الدخول، على الدخول في الرحمة، فلا يصح، كما لم يصح تأويل قوله: "ترون ربكم" على رؤية رحمته.

فإن قيل: قوله: "لو كَشَفها عن وجهه" معناه: لو كشف رحمته عن النار لأحرقت سُبُحات وجهه، أي أحرقت محاسن وجهه المحجوب عنه بالنار، فالهاء عائدةٌ على المحجوب لا إلى الله تعالى.

قيل: قد بَيَّنا أنَّ السُّبُحات صفة لوجهه سبحانه، وأنَّ الإِحراق يكون لجميع ما يدركه نوره (١).

فإن قيل: لا يصحُّ أنْ يكون المحدث ولا القديم محجوبًا بشيءٍ من سَوَاتر الأجسام المغطية المكتنفة المحيطة، وإنما يقال لهذه الأجسام الساترة أنها حجابٌ عن رؤية المحدث لما رآه، من أجل أنَّ المنع من الرؤية يحدث عنده فيسمى باسم ما يحدث عنده، وعلى هذا ما نقوله إنَّ البارئ سبحانه لا نراه في الدنيا لأنَّه في حجابٍ على طريق المجاز، وإنما المانع من رؤيته ما يحدثه من المنع، وإنَّما في حجابِ على طريق المجاز، وإنما المانع من رؤيته (٢) ما يحدثه من المنع، وإنَّما كان كذلك لأنَّ المانع من معرفة الشيء ورؤيته ومعاينته ما يمنع من وجود معرفته ومعاينته وما يمنع


(١) وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي نحوًا من هذه التأويلات وردَّ عليها، في كتاب "النقض على المريسي" (١٦٩ - ١٧٣) فراجعه فإنه نفيس.
(٢) في الأصل: رؤية، ولا تناسب مع الجملة.

<<  <   >  >>