للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجواب آخر: وهو أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بَشَّرَ المؤمنين من أصحابه بذلك، وهذا يُوجب أنْ يكون معنى يختصون به، فأما العلم بالله فمشترك بين المؤمنين والكافرين في القيامة، فَيْبْطُل معنى بشارته للمؤمنين بالرؤية.

وجواب آخر: وهو أنَّ في رواية أبي موسى: "ترون الله جهرة" وهذا يَرفَعْ الإشكال، لأن الرؤية وإنْ كانت تستعمل في معنى العلم، فبإنها إذا قُرِنَت بلفظ الجَهر لم تحتمل العلم، ومن ذلك قولهم: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: ١٥٣]. يعني عيانًا (١) وكذلك في حديث ابن عمر: "وإن أفضلهم مَنْ ينظر في وجه ربه في كلِّ يوم مرتين" وهذا يمنع أنْ يكون المراد به العلم.

فأما ما روي في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إنَّ أهل الجنَّة يرون ربَّهم تعالى في كلِّ يوم جمعة في رمال الكَافُور، فأقْربهم منه مجلسًا أسرعهم إليه يوم الجُمعة، وأَبْكرهم غُدُوًا" فإنِّ أبا عبد الله بن بطة رواه عن أبي عمر عبيد الله بن مسح العَطَّار وأبي يوسف يعقوب بن يوسف ومحمد بن الحسين قالوا: نا أبو بكر عبد الله بن سليمان أبي داود السجستاني قال: نا عمي محمد بن الأشعث قال: نا ابن حسن قال: حدثني أبي حسن عن الحسن عن عبد الله بن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (٢).

٢٨٥ - ونا أبو القسم بلفظٍ آخر موقوفًا على ابن مسعود فقال: نا أبو القسم عبيد الله ابن أحمد بن علي القمري نما محمد بن مخلد نا إسحق بن إبراهيم البغوي نا وكيع عن المسعودي عن المنهال عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: "إنَّ الله يَبْدُوا لأهلِ الجنَّة على كثيبٍ من كَافُور، فيكونون منه في


(١) وهو ما جاء وصرحًا به في رواية جرير عند البخاري (١٣/ ٤١٩) ولفظه: "إنَّكم سترون ربكم عَيَانًا".
(٢) تقدم الكلام عليه برقم (٧) من هذا الفصل.

<<  <   >  >>