للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قيل: في قوله: "في كل يوم جمعة" معناه يرونه على مقادير أَوْقَاتٍ الدنيا وأيامها، كقوله تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ٦٢]. وذلك على التقدير بأيام الدُّنيا وأوقاتها، لأنَّ ليس هناك غَدوه وعشية وجُمعة (١).

وأمَّا قوله: "في رمال الكافور" فلا يمتنع إطلاق ذلك عليه سبحانه، لا على وجه الانتقال، وهذا نظير قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: ٢٢]. وقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: ٢١]. وقد سبق الكلام في ذلك (٢).

وأمَّا قوله: "أقْرَبهم منه مجلسًا" فلا يمتنع حمله على ظاهره في القُرْبِ من الذات، وكذلك قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)} [النجم: ٨ - ٩].

وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يؤتى بالعبدِ يوم القيامة فَيُدْنيه الله فيضع كنفه عليه" وقد بينا فيما تقدم أنَّ ذلك على ظاهره في الدَّنو من الذَّات، وهذا الخبر محمول على ذلك.

فإن قيل: يحملُ القُرب على القُربِ من الثَّواب والكرامة والرحمة.

قيل: هذا لا يصح لوجهين: أحدهما أنَّ رحمتَه وكرامتَه وثوابَه سابقٌ لرؤيتهم له.


= الخبرة بحديث من تكلم فيه أو بحالة أو لتأخر عصره ونحو ذلك، فقال: المنهال بن عمرو تكلم فيه بلا حجة.
(١) وكذا فسَّر الآية ابن جرير -رحمه الله- في تفسيره (١٦/ ٧٧).
وساق بسنده عن عامر بن يساف عن يحيى قال: كانت العرب في زمانهم من وجد منهم عشاءًا وغداءً فذاك الناعم في أنفسهم، فأنزل الله: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} قدر ما بين غدائكم في الدنيا إلى عشائكم.
يحيى هو ابن أبي كثير الثقة الثبت، وعامر بن يساف قال أبو حاتم: صالح (الجرح (٦/ ٣٢٩). فالإسناد حسن.
(٢) انظر الجزء الأول (ص ١٣٠، ٢٥٥).

<<  <   >  >>