للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . .


= ومن دليل ذلك أنَّ الله تعالى قد قال: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} و {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} وقال: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} الآية.
وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تَتَمنوا لقاءَ العدو واسألوا الله العاقبة، فإذا لقيتموهم فاصبروا".
ويستعمل اللقاء في لقاء العدو، ولقاء الولي، ولقاء المحبوب، ولقاء المكروه.
وقد جاء في الكتاب والسنة ألفاظ من نحو "لقاء الله" كقوله: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} وقوله: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤)} وقوله: {إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} وقوله: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}. لكن يلزم هؤلاء "مسألة" تكلم الناس فيها، وهي أنَّ القرآن قد أخبر أنَّه يلقاه الكفار ويلقاه المؤمنون كما قالك {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (١١) وَيَصْلَى سَعِيرًا (١٢)}.
وقد تنازع الناس في الكفار هل يرون ربهم مرةً ثم يحتجب عنهم؟ أم لا يرونه بحال تمسكًا بظاهر قوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} ولأنَّ الرؤية أعظم الكرامة والنعيم، والكفار لا حظَّ لهم في ذلك.
وقالت طوائف من أهل الحديث والتصوف: بل يرونه ثم يحتجب، كما دلَّ على ذلك الأحاديث الصحيحة التي في الصحيحِ وغيره، من حديث أبي سعيد وأبي هريرة وغيرهما مع موافقة ظاهر القرآن، قالوا: وقوله: {لَمَحْجُوبُونَ} يشعر بأنَّهم عاينوا ثم حُجبوا، ودليل ذلك قوله: {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فعُلم أنَّ الحجب كان يومئذٍ، فيشعر بأنه يختص بذلك اليوم، وذلك إنَّما هو الحجب بعد الرؤية، فأما المنع الدائم من الرؤية فلا يزال في الدنيا والآخرة.
قالوا: ورؤية الكفار ليست كرامة ولا نعيمًا، إذ "اللقاء" ينقسم إلى لقاء على وجه الإكرام، ولقاء على وجه العذاب، فهكذا الرؤية التي يتضمنها اللقاء.
ومما احتجوا به حديث أبي هريرة: قالوا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: "هل تُضَارُّون في رؤية الشمس ليست في سحابة؟ " قالوا: لا، قال: "والذي نفسي بيده لا تُضَارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما" قال: "فيلقى العبد فيقول: أي =

<<  <   >  >>