للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا غلط؛ لما بَينَّا أنَّه غيرُ ممتنعٍ من إضافة الاهتزاز إلى العرش لكونه مُحدثًا، وقد قال تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠)} [الطور: ٩ - ١٠].

وهذه إضافةٌ صحيحة إلى السَّماء والأرض، كذلك إضافة ذلك إلى العرش، وحَمْلُ ذلك على حَمَلَةِ العرس عُدُولُ عن الحقيقة إلى المجاز من غيرِ حاجة إلى ذلك، ولئن جاز هذا، جاز العدول في قوله: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطور: ٩]. معناه أهل السماء. {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠)} [الطور: ١٠]. معناه أهل الجبال، ولأنَّ ما يمنع من حمل الخبر على العرش، يمنع من حمله على حملته، وما يجوز في أَحَدهما نُجوزه في الآخر، ولأنَّه لا يجب أنْ يمتنع المخالف من هذا، لأنَّه لا يُثْبت كونه على العرش، وإذا لم يُثْبِتْ ذلك لم يمتنع إضافة ذلك إلى العرش.

وأما قوله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: ٢٩]. فمعناه: فما بكت عليهم السماء بأهلها (١) وكذلك قوله: "هذا جَبَلٌ يُحبنا" معناه يحبنا بأهله.


= وفي "الأسماء والصفات" للبيهقي نسب هذا التأويل إلى أبي الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري.
وانظر الفتح (٧/ ١٢٤).
(١) حكى هذا التفسير الخازن في تفسيره (٦/ ١٤٦) بصيغة التمريض فقال: وقيل: المراد أهل السماء وأهل الأرض.
وأما ما اعتمده هو والبغوي (٦/ ١٤٦) وابن كثير (٤/ ١٤٢) ومن قبلهم ابن جرير في تفسير (٢٥/ ٧٤ - ٧٥) فهو ما ساقه بإسناده قال: حدثنا أبو كريب ثنا طلق بن غنام عن زائدة عن منصور عن المنهال عن سعيد بن جبير قال: "أتى ابن عباس رجلٌ فقال: يا أبا عباس، أرأيت قول الله تبارك وتعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩)} فهل تبكي السماء والأرضُ على أَحَد؟ قال: نعم، إنه ليس أحدٌ من الخلائق إلا له بابٌ في السماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا ماتَ المؤمنُ فأُغلق بابه من السَّماء الذي كان يصعد [فيه] عمله وينزل منه رزقه بَكَى عليه، وإذا فَقَده مُصلَّاه من الأرض التي كان =

<<  <   >  >>