للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قوله: "منه خرج" فمعناه منه خَرَجَ تنزيله وظهوره والابتداء، وإليه يعود حُكمه، لأنَّ ما تضمنه القُرآن من الأحكام، التي هي العبادات واجتناب المحرمات إنَّما يُفْعَلُ لله عَزَّ وجَلَّ، فيكون الحكم عائدًا إليه، بمعنى مفعول له ولأجله.

٣٧٦ - وقد قال أبو بكر الخلال سمعت عبد الله بن أحمد قال: ذكر أبو بكر الأعين قال: سُئِلَ أبو عبد الله أحمد بن حنبل عن تفسير قوله: "القُرآنُ كلامُ الله مِنْه خَرَجَ وإليه يعود" فقال أحمد: منه خرج هو المتكلم به، وإليه يعود.

فقد فَسَّرَ قوله: "منه خرج" على أنَّه صفة من صفات ذاته، مبتدي به، ولم يُفسر قوله: "وإليه يعود" وتفسيره ما ذكرنا من أن أحكامه عائِدة إليه (١).

٣٧٧ - وهكذا فسره أبو بكر بن إبرَة (٢) من أصحابنا فيما وجدته مُعَلَّقًا بخطِّه في حاشية كتاب "السُّنَّة" لأبي بكر الخلال.

وقد قيل: معنى قوله: "منه خرج" أي منه يُسمع، وبتعليمه يُعلم، وبتَفْهيمه يُفهم (٣).

وهذا لا يخرج على أصولنا، لأنَّ على قولنا يسمع منه، في حق من تولى خطابه، ويسمع من غيره، في حق من لم يتول خطابه.

وقيل: معنى: قوله: "منه خرج" أنَّه له، والعرب تقول: إنَّ هذا منك، تعني أنَّه لك، كما قال القائل:


(١) قد مضى بيان ذلك قريبًا.
(٢) لم أعرفه.
(٣) ذكره ابن فُورك (ص ١٢٣) قال: ومن أصحابنا من قال … فذكره.

<<  <   >  >>