في سورة طه {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه: ١١ - ١٢] والنَّداء لا يكون إلا بصوت، فدلَّ على أنَّه كلَّمه بصوت.
ويدلَّ عليه ما روي عن عبد الله - رضي الله عنه - قال:"إذا تَكَلَّم اللهُ بالوحي سَمِعَ صَوته أهلُ السَّماء فَيَخرُّونَ سُجَّدًا، حتى إذا فُزِّع عنْ قُلُوبِهِم، قال: سكن عنْ قُلُوبِهِم".
وهذا صَريح في إثبات الصَّوت، لأنه أضافَ الصوت إليه بقوله "سمع صوته" والهاء يرجع إلى المذكور.
وفي حديث ابن عباس "إنَّ الله إذا تَكَلَّمَ بالوحي سَمِعَ أَهْلُ السَّموات له صَوتًا كَصَوتِ الحديد إذا وَقَعَ على الصَّفا".
فإنْ قيل: إثبات الصوت يرجع إلى السَّماء.
قيل: هذا غلط، لأنَّ قوله "سمع له صوتًا" هاء كناية، وهاءُ الكِناية يرجع إلى المذكور، والذي تقدَّم ذِكره هو الله سبحانه بقوله "إذا تكلَّم اللهُ" فَوجَبَ أنْ يرجع الصوت إليه.
ويدل عليه أيضًا: قولهم لموسى عليه السلام "بما شَبَّهت صوتَ ربك" فَأَقرهم على ذلك، وأخبرهم بما سألوه، وقولهم: يحتمل أنْ يكون معناه: بما شبهت "العبَارة" عن كلام الله "والدلالة" عليه، ولم يرد تعبير الكلام، لا يصح، لأنَّ العبارة عندهم عَرَض مُحدث، لا يقوم بنفسه، ولم يكن هناك واسطة تقوم به، ولا يجوز أنْ يكون ذلك قائمًا بذات الله تعالى، لأنَّه مُحْدَث على قولهم، فلم يبق إلا أنَّه سَمِعَ الكلام القديم، الذي هو الصَّوت والحَرْف، ولأنَّه ليس في إثبات الحرف والصَّوت لا مِنْ جنس حُرُوفنا وأَصْواتنا، ما يُفضي إلى تغيير صفات القديم، لأنَّه لا يُفضي