للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: لا يمتنع أنْ يرد المضاف والمضاف إليه ويكون شيئًا واحدًا، كما قال تعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] وما شاكله.

قيل: كون الاسم مُرَادًا به الذات، لا يُخرج الاسم عن أنْ يكون صِفَةً له ودالًا عليه، وكون الوجه مرادًا (١) به الذات، مخرجٌ الوجه عن أنْ يكون صِفةً له، فلم يصح حمله على الذات، لما فيه من إلغاء الصفة.

وجواب آخر ثانٍ (٢) عن أصل السؤال: وهو أن حَمْلهُ على الذات يُؤَدي إلى جواز القول بأنَّ لله وجه! وأنَّه يجوز أنْ يُدعى فتقول: يا وجَهْ اغفر لنا! وقد أجمعت الأُمة على منع ذلك.

وما ذكروه من تشبيه ذلك بوجه الثَّوب والحَائِط فهو الحجة، لأنَّ وجه الثوب والحائط، ليس هو نفس الثوب والحائط، بل هو ما وَاجَهَ به وأقبل به، وكذلك وجه الأمر ما ظهر منه الرائي الصحيح، دون ما لم يظهر، وإذا كان كذلك، لم يصح التَّأويل (٣).

فإنْ قيل: فإذا لم يكن الوجه هو الذات، والذات فما الفائدة بتخصيص النظر إليه دون الذات؟

قيل: قد قيل إنَّه ذكر الوجه ها هنا، والمراد به من له الوجه، وعلى هذا يتناول قوله سبحانه {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: ٩] المراد به: الله الذي له


(١) سقطت الألف من "مرادا" في الأصل.
(٢) في الأصل: ثاني! بالياء!
(٣) قال الدارمي في النقض (ص ١٥٩): وأعظم من ذلك: دعواك أن وجه الله كوجه الثوب! والحائط الميت! الذي لا يوقف منها على وجه ولا ظهر، ما تركتم من الكفر بوجه الله غاية. ولو تكلم بهذا رجل بالمغرب، لوجب على أهل المشرق أن يغزوه، حتى يقتلوه غضبًا وإجلالًا لوجه الله ذي الجلال والإكرام".

<<  <   >  >>