للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأمَّا وَصْفه تعالى "يا الله" فهو اسم من أسمائه، وهو اسم عَلَم لم يجب لأَمرِ اقتضاه الفعل، كالخَالِقِ والرَّازِق (١)، ولا هو مُشْتَق من صِفَةٍ كالعالم والقادر، وهو اسم موضع غير مُشتّقٍ ولا مُشْتَرَك، لم يَتَسَمَّ به أَحَد، وهو كأسماء الأَعْلَام في الآدميين كزيد وعمر (٢).

وهو أشْرفُ الأسماء وأعظمها، لأنَّ سائر الأسماء (٣) تابعة له، قال تعالى {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- "لله تسعة وتسعون اسمًا" وقوله تعالى {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥] قيل في التفسير: لم يَتَسمَّ به أحد (٤).

وافتتح بهذا الاسم الأذَان والإقامة والصَّلَوات والاسْتعاذة والتَّكبيرات والشهادات، وكلُّ الطَّاعَات.

ولأنَّ الإشارة إليه في الإقرار بالتوحيد، لقوله {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: ٨٧] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ


= وقوله -رضي الله عنه-: " … لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" رواه مسلم (٤٨٦). وغير ذلك من الأدلة، انظر مقدمة كتابنا "النهج الأسمى" (١/ ٤٩ - ٥٢).
(١) أي هو من أسماء الذات، لا من أسماء الأفعال.
(٢) الصحيح أن اسم "الله" تعالى مشتق من "الإله" وهو المعبود، وهو ما اختاره الإمام ابن القيم وغيره من اللغوين.
وهو اسم الله الأعظم على الصحيح، ولم ينتحلة أحد، ولم يطلق على غير الله سبحانه وتعالى.
انظر كتابنا السابق (١/ ٦٣ - ٧٢) سيأتي تقرير المصنف لذلك.
(٣) "قوله: الأشياء رسمه في الأصل محتمل لما هنا، ولأن يكون الأسماء وهو أولى" علقه الناسخ، والصواب هو الأسماء لا غير.
(٤) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (هل تعلم له سميا) هل تعلم للرب مثلًا أو شبيهًا.
وقال عكرمة عنه: ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى، كما في تفسير ابن كثير (التهذيب ٣/ ١١٠).

<<  <   >  >>