للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدفع عنه، وإنْ لم تتمكن من ذلك، وقد يفعل الإنعام كارهًا ولا يُسَمَّى رحيمًا، فعلم أنَّ ذلك إرادة الإنعام، وحمله على النعمة والإحسان أولى، لأنه هو أظهر فى اللغة.

ومن قولهم في المطر: رحمة، وكذلك كل نعمة (١).

وأما وصفه تعالى بأنَّه مَلِك ومالك وسُلْطان، معناه: أنَه ذو مُلْكٍ وسلطان وقُدرة يُقَدِّر بها على الأشياء، وعلى هذا وصفه نفسه سبحانه بأنه مَلِك ومَالكُ يومِ الدِّين، وإنْ كان ذلك اليوم مَعْدومًا في الأزل، وإنَّما المراد به قادر عليه وعلى إقامته (٢).

ويجب على هذا الأصل أنَّه لا يملك المالك منّا، ويوصف بأنَّه يملك الشيء إلا في حال حُدُوثه، لأنَّها حال قدرته عليه، ويجب على هذا أنْ يقال: إنَّ القديم قادر على العَالَم والأجسام الباقية، وإنْ اسْتَحَال حُدُوثها، على معنى أنَّه قَادِر على تَحريكها وتسكينها، وجمعها وتفريقها، وتغيير هيئاتها وصفاتها، لا على معنى صحة إحداثه لها في حال بقائها.

ويجب على هذا أنْ يكون معنى قولنا: إنَّ الإنسان يملك الدار والعبد والأَمَة مجازًا، ومعناه أنَّه يملك التَّصرف في ذلك، والاستمتاع والإنتفاع


(١) هذا التأويل غريب وعجيب من المصنف! وعلى خلاف عادته!
لأنه قول المعطلة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وأشباههم، ممن انحرف في صفات الله تعالى وحرّف معانيها! والحق: أن "الرحمة" من صفات الله الثابتة بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة وهي صفة كمال لائقة بذاته كسائر صفاته العليا.
انظر تفصيل الرد على ذلك في كتابنا النهج (١/ ٨٠) وما بعدها.
(٢) أما اسمه "الملك" و"المالك" فقد ثبتا في الكتاب والسنة النبوية. والملك بالضم هو السلطان والقدرة على التصرف به، أما "السلطان" فليس من الأسماء الثابتة، إنما هو معنى الملك كما ذكرنا. انظر كتابنا (١/ ٩٥).

<<  <   >  >>