للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

به، دون ذات الجسم الذي لا يقدر عليه (١).

وإنَّما مَنَعَ من وَصْفِ البهائم بأنها مالكة، وانْ كانت قادرة على التصرف، لأجل السَّمع، وإلا فاللغة لا تمنع من ذلك، لأنَّ معناه في اللغة: القَادر على الشيء، ولا يمتنع أن يُقصرَ على قادرٍ دون قادر، كما قَصَرُوا: أبْلَق وأَدْهَم على بعض من له الصفة المُستفادة بهذا القول دون بعض.

وأمَّا وصفه تعالى بأنَّه "مُحِيط ومُحْصي" بمعنى أنَّه عالم، فيقال: لم يَزَلْ مُحيطًا مُحْصِيًا، ومنه قوله تعالى {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: ٢٨] وقوله تعالى {وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: ٤٧] وقوله {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩)} [النبأ: ٢٩] وقوله {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤)} [مريم: ٩٤] وقد تكون الإحاطة بمعنى الإحتواء على الشيء مِنْ جِهَاتِهِ، وذلك ممتنع في صفاته (٢).

وأما وصفه تعالى بأنه "قَدير" فمعناه المبالغة في القدرة، وكذلك قولنا "مُقْتَدِر" وأصل هذا أنَّه: قادر، ومعناه: أنَّه قادر على الفِعل، ومُتَمكِّن من


(١) الملك الحقيقي لله وحده، لا يشركه فيه أحد، وكل من ملك شيئًا فإنما هو بتمليك الله تعالى له، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا مالك إلا الله" وفي رواية: "لا ملك إلا الله" رواه مسلم (٢١٤٣) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
والمالك هو من يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بمماليكه.
وإنما أضاف الملك ليوم الدين، لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام ملكه وعدله، وتنقطع أملاك الخلائق فيه، ويخضعون فيه لربهم ويذعنون.
(٢) أما أسمه تعالى "المحيط" فثابت في القرآن الكريم، كما ساق المصنف بعض الآيات التي ورد فيها الاسم.
ومعناه: المحيط بكل شيء من خلقه، علمًا وقدرة ورحمة وقهرًا، وأما "المحصي" فلم يثبت في القرآن ولا السنة الصحيحة بصيغه الإسم، وإنما ورد فعلًا، ومعلوم أن القاعدة عند أهل السنة: ألا يشتق لله تعالى الأسماء من الصفات.

<<  <   >  >>