للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأنَّ الله قال: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: ٧] ومعناه صدَّقنا به، لأن الإيمان هو التصديق، ولم يقل: والراسخون في العلم يقولون عَلِمنا به، فلم يقتض العطف المشاركة في العلم كقول القائل: ما يعلم ما في هذا البيت إلا زيد وعمر (١) يقول آمنا به معناه أنه مصدقٌ له، ولا يقتضي مشاركته في العلم، ولأنه إذا كانت الواو عاطفة في المشاركة في العلم احتاج الكلام إلى إضمار واوٍ أخرى، فتقديره: والراسخون في العلم ويقولون آمنا به، والإضمار ترك حقيقة.

٤٤ - وقد ذكر أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي (٢) هذا السؤال في كتاب "الغنية عن الكلام" فقال: اعلم أنَّ المتشابه من القرآن قد استأثر الله بعلمه، فلا يعلم تأويله أحد غيره.

قال: ومذهب أكثر العلماء أن الوقف التام في هذه الآية إنما هو عند قوله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} وما بعده استئناف كلام آخر، وحكى في ذلك قول ابن مسعود وأبيّ وابن عباس وعائشة وقال: وإنما روي عن مجاهد وحده أنه


(١) كذا في الأصل.
(٢) هو الإمام العلامة الحافظ اللغوي أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم ابن خطاب البُستي الخطابي، صاحب التصانيف، سمع من أبي سعيد ابن الأعرابي ومن أبي العباس الأصم وغيرهما، حدث عن الحاكم وأبو حامد الأسفراييني وخلق كثير.
قال أبو طاهر السِّلفي: وأما أبو سليمان الشارح لكتاب أبي داود، فإذا وقف مُنصفٌ على مصنفاته، وأطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تحقق إمامته وديانته فيما يورده وإمامته.
من مصنفاته "معالم السنن" شرح فيه سنن أبي داود، و"غريب الحديث" وكتاب "العزلة" و"شرح أسماء الله الحسنى" وكتاب "الغنية عن الكلام وأهله" وغيرها. توفي ببُسْت في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
(وفيات الأعيان (٢/ ٢١٤ - ٢١٦)، السير (١٧/ ٢٣ - ٢٨)، وانظر تاريخ التراث لفؤاد سزكين (١/ ٤٢٧ - ٤٢٩).

<<  <   >  >>