للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكانت الأفعال مقسمة قسمين:

أحدهما: هو الكسب الموجود بذات القادر عليه، وهو الموصوف بأنَّه مباشر، وهو جميع أكساب الخلق.

والثاني: لا يُوصف بذلك وهو الموجود لا في ذات فاعله، وهو جميع أفعال الله تعالى، لا ثالث لهذين القسمين.

ويجوز أنْ يُوصف تعالى بأنَّه "تَارَكٌ" في الحقيقة، كما يوصف بأنَّه فاعل، ومعنى ذلك أنَّه فاعل لِضِّد فعل آخر يقدر على فعله بدلًا منه، وليس معنى ترك التارك للعقل كفّ نفسه ومنعها مما تدعو إلى فعله، ولا هو مقصور على أفعال القُلُوب، فجاز وصفه سبحانه بذلك (١).

ويجوز وصفه بأنَّه "مُوجِدٌ" لأنَّ ذلك يفيد وجود ذَاتِ الفعل بقدرته، ويوصف بأنَّه معدم على معنى أنَّه لم يفعل ما قيل إنه أعدمه (٢).

ويجوز وصفه بأنَّه "مكون" لأنَّ لما كان فعله تعالى كائنًا، بمعنى موجودًا عن عدم، جاز وصفه بذلك.

ويجوز وصفه بأنَّه "مُثْبت للفعل" ومعنى إثباته له هو إيجاده.

ويجوز وصفه بأنَّه "جاعل" بمعنى فاعل، لأنَّ معنى مجعول: مفعول، ومنه قوله تعالى {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ} [الإسراء: ١٢]، {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: ٥٠] وقد يكون الجعل بمعنى الحكم والتسمية،


(١) وقد ورد ذلك في آيات من كتاب الله تعالى كقوله {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: ٤٥]. وقال {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: ٩٩]. وقال {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الذاريات: ٣٧] وغيرها.
(٢) "الموجد" ليس من أسماء الله تعالى، ويجوز استعماله على وجه الإخبار عن الله سبحانه، كما تقدم بيانه وكذا ما بعده.

<<  <   >  >>