للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما المعتزلة فالكلام في غير هذا الموضع.

وأَمَّا الأشعرية فالدلالة عليهم قوله تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: ٦٢] وقوله {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)} [الذاريات: ٥٨] وقال {الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: ٢٤] فوصف نفسه بهذه الأشياء فيما لم يزل، امتدح بها بقوله {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] ولا يجوز أن يُسمى ويمتدح بما هو معدومٌ في حقة، لأنَّه يُفضي إلى أنْ يقع الخبر بخلاف مخبره.

فإن قيل: معنى قوله خالق، أي سيخلق وسيرزق.

قيل: فيجب أنَّ تقول مثل هذا في قوله {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: ١٥٤] معناه سيعلم إذا خلقهم، وكذلك قوله {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ٢٨٤] معناه سيقدر؟ ولمّا لم يَجزْ هناك، كذلك ها هنا.

وأيضًا: فإن هذه الأسماء والصفات وصف بها نفسه فيما لم يزل، فيجب أن تكون قديمة له، كالعِلّم والقُدرة والإرادة والكلام، ونحو ذلك.

فإنْ قيل: تلك الصفات مُتَعَلِّقة بالذات، فهي موجودة بوجود الذات، فلهذا كانت قديمة، وهذه متعلقة بالأفعال والأفعال محدثة.

قيل: هذا لا يصح لوجهين.


= وأما المتأخرون من الأشاعرة والماتريدية، فإنهم لا يثبتون إلا سبع صفات؟ هي: العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والإرادة والكلام. وأما بقية الأسماء التي لا تتفق مع ما أثبتوه من الصفات، فإنهم لا يثبتون ما دلت عليه من المعاني، بل يحرفون معانيها كتحريفهم لمبانيها كتحريفهم لمعنى "الرحمة" في اسمه تعالى "الرحمن" إلى إرادة الثواب أو الإنعام، وغيره.
انظر مقالات الإسلاميين (ص ١٦٩) والتحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية، ومجموع الفتاوى (٦/ ٣٥ - ٣٩) والماتريدية (ص ٢١٧) لأحمد الحربي.

<<  <   >  >>