للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٦ - واحتُجَّ بما روى جابر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "من قال حين يسمُع النِّداء: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوة التَّامة، والصَّلاة القَائمة، آتِ مُحمدًا الوَسيلةَ والفضِيلةَ، وابْعثْه المَقَام المَحْمودَ الذي وعَدْتَّه، إلا حَلَّتْ له الشَّفاعة يَومَ القيامة" (١).

فقد وَصَفَ أَلفاظَ الأذان بأنَّ لها رب، وما له رب فهو مخلوق.

والجواب: أنَّ تقديره ربَّ ثواب هذه الدعوة، فحذف المضاف، وهذا جائزٌ في كلامهم قال تعالى {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ} [مريم: ٣٤] وتقديره: صاحب قول الحقِّ، وكذلك قوله {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥)} [الواقعة: ٥٥] وتقديره: مِثل شرب الهيم، وثواب هذه الكلمات مخلوق، لأنَّ ثوابها تفَضُّلِه وإنْعامه بالجنَّةِ ونعيمها (٢).

وقد قيل: إنَّه لا يجوز أنَّ يكون ذلك راجعًا إلى بعض الكلمات، وهو الدعاء إلى الصلاة، وليس يمتنع أنْ يرجع الكلام إلى بعض المذكور، كما قال تعالى {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} [الحج: ٣٤] والمراد به بعضها.

وقيل: يجوز أن يكون راجعًا إلى أفعال الصَّلاة، لأنَّه قد تقدم ذكرها، ولا يمتنع مثل ذلك، كما قال تعالى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (٣٢) رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص: ٣٢ - ٣٣] وكان المراد بعض المذكور، وهو الخيل دون الشمس (٣).


(١) ورواه البخاري في الأذان (٦١٦) وفي التفسير (٤٧١٩) ورواه مسلم من حديث ابن عمرو -رضي الله عنهما- في الصلاة (١/ ٢٨٨) من وجه آخر.
(٢) قوله "رب هذه الدعوة التامة" أي: صاحبها. وقيل المقيم لها، والزائد في أهلها والعمل بها، والإجابة لها (نهاية) والمراد بالدعوة: دعوة التوحيد، لأن الشرك نقص، أو تامة لا يدخلها تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم النشور.
وقال ابن التين: وصُفت بالتامة لأن فيها أتم القول، وهو: لا إله الا الله. انظر الفتح (٢/ ٩٥).
(٣) قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة: الدعاء، وبالقائمة الدائمة، من =

<<  <   >  >>