للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعتقدت أن الله عزّ وجلّ هو مالكه من جميع الجهات».

قال البيهقي رحمه الله تعالى:

فإن قال قائل: وايش الدليل على أنه سبحانه موجود؟

قيل: قد بينّا أنه أوجد العالم وأحدثه، والفعل لا يصح وقوعه إلاّ من ذوي قدرة. والقدرة لا تقوم بنفسها، فوجب أنها تقوم بقادر موجود.

ولأن استحالة وقوع الفعل من معدوم كاستحالة وقوعه لا من فاعل. فلما استحال فعل لا من فاعل، استحال فعل من معدوم. وفي ذلك دليل على وجوده.

فإن قال قائل: وما الدليل على أنه سبحانه قديم لم يزل؟

قيل: قد ثبت أنه موجود، ولو كان محدثا لتعلّق بغيره لا إلى نهاية، والموجود لا ينفكّ من أن يكون قديما أو محدثا. فلما فسد كونه محدثا ثبت أنه قديم.

وإن شئت قلت: قد بيّنّا احتياج المحدثات إلى مقدّم يقدّم ما تقدّم منها، ومؤخّر يؤخّر ما تأخّر منها، ومخصّص يخصّص بعضها ببعض الهيئات دون بعض. فلو كان الذي يفعل ذلك بها مشاركا لها في الحدوث لشاركها في الحاجة إلى المقدّم المؤخّر المخصّص. ولو كان بهذا الوصف لاقتضى كلّ محدثا قبله، ويستحيل وجود محدثات واحد قبل واحد لا إلى أوّل لاستحالة الجمع بين الحدوث ونفي الابتداء فثبت أنه قديم لم يزل.

فإن قال قائل: فما الدليل على أنه ليس بجسم، ولا جوهر، ولا عرض؟

قيل: لأنّه لو كان جسما لكان مؤلّفا. والمؤلّف شيئان، وهو سبحانه شيء واحد، لا يحتمل التأليف.

وليس بجوهر، لأن الجوهر هو الحامل للأعراض، المقابل للمتضادّات، ولو كان كذلك، لكان ذلك دليلا على حدوثه، وهو سبحانه تعالى قديم لم يزل.

وليس بعرض لأن العرض لا يصحّ بقاؤه، ولا يقوم بنفسه-وهو-سبحانه قائم بنفسه لم يزل موجودا ولا يصحّ عدمه.

فإن قال قائل: فإذا كان القديم سبحانه شيئا لا كالأشياء، ما انكرتم أن يكون جسما لا كالأجسام؟

<<  <  ج: ص:  >  >>