للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه، وحين لزم إثباته بهذه الأوصاف لزم إثبات هذه الصفات له.

قال الله عزّ وجلّ:

{وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ} [البقرة:٢٥٥].

وقال تعالى:

{وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} [طه:٩٨].

وقال: {وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [الطلاق:١٢].

أي علمه قد أحاط بالمعلومات كلها-إلى سائر الآيات التي وردت في هذا المعنى. وقال:

{إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٨].

فأثبت القوّة لنفسه، وهي القدرة، وأثبت العلم، فدلّ على أنه عالم بعلم، قادر بقدرة. ولأنّه لو جاز عالم لا علم له لجاز علم لا عالم به. كما أنه لو جاز فاعل لا فعل له، لجاز فعل لا لفاعل فلما استحال فاعل لا فعل له كما استحال فعل لا فاعل له، كذلك يستحيل عالم لا علم له كما يستحيل علم لا لعالم.

ولأنّ العلم لو لم يكن شرطا في كون العالم عالما لم يضرّ عدمه في كل عالم، حتى يصحّ كل عالم أن يكون عالما مع عدم العلم. وحين كان شرطا في كون بعضهم عالما وجب ذلك في كل عالم لامتناع اختلاف الحقائق من الموصوفين.

ولأن إحكام الفعل يمتنع مع عدم العلم منّا به كما يمتنع مع كوننا غير عالمين به، فكما وجب استواء جميع المحكمين في كونهم علماء، كذلك يجب استواءهم في كون العلم لهم لاستحالة وقوعه من غير ذي علم به منّا كاستحالة وقوعه من غير عالم به منّا.

ولأن حقيقة العلم ما يعلم به العالم، وبعدمه يخرج عن كونه عالما فلو كان القديم عالما بنفسه كانت نفسه علما له. ولا يجوز أن يكون العالم في معنى العلم. فإن عارضوا ما ذكرناه من الآيات بقول الله عزّ وجلّ:

{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف:٧٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>