قلنا: لسنا نقول إنّ الله ذو علم على التنكير، وإنما نقول أنه ذو العلم على التعريف. كما نقول انه ذو الجلال والإكرام، على التعريف ولا نقول انه ذو جلال وإكرام على التنكير.
فمعنى الآية إذا «وفوق كل ذي علم محدث من هو أعلم منه».
فإن قالوا: فيقولون ان علمه قديم وهو قديم.
قيل: من أصحابنا من لا يقول ذلك مع إثباته له أزليا. ومنهم من يقول ذلك ولا يجب به الاشتباه، لأن القديم هو المتقدم في وجوده بشرط المبالغة، والمتقدم في الوجود هو الوجود، والوجود لا يوجب الاشتباه عند أحد فكذلك المتقدم في الوجود لا يوجب الاشتباه ولأن القدم وصف مشترك. يقال «شيخ قديم» و «بناء قديم» و «عرجون قديم».
فالاشتباه لا يقع بالاشتراك في الوصف المشترك.
ولأنه لو كان الاشتباه يقع بالاشتراك في القدم، لكان يقع بالاشتراك في الحدث. فلما لم يقع بالاشتراك في الحدث، لم يقع بالاشتراك في القدم.
ولأن عندنا حقيقة المشتبهين هما الغيران اللذان يجوز على أحدهما جميع ما يجوز على صاحبه وينوب منابه، وصفات الله تعالى ليست باغيار له.
فإن قالوا: لو كان له علم لم يخل من أن يكون هو أو غيره أو بعضه؟
قيل: هذه دعوى بل ما ينكر من علم لا يجوز أن يقال هو هو لاستحالة أن يكون العلم عالما، ولا يجوز أن يقال غيره لاستحالة مفارقته له ومعنى الغيرين ما لا يستحيل مفارقة أحدهما لصاحبه بوجه.
ولا يجوز أن يقال بعضه إذ ليس الموصوف به متبعضا.
فإن قال: لو كان له علم لكان عرضا مكتسبا أو مضطرا إليه، وكان اعتقادا من جنس علومنا لأن ذلك حكم العلم المعقود.
قيل: ليس الأمر كذلك لأن العلم لم يكن علما لأنه عرض أو بصفة مما ذكرتم وإنما كان علما، لأنّ العلم به يعلم ثم يضطر فإن كان العلم محدثا، كان علمه عرضا مكتسبا أو مضطرّا إليه.