بعشر أمثالها، وأن مثل النفقة في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، لكن جزاء الصوم يجل عن هذا كله، وأنا أعلم به وإليّ أمره، وهذا لأن كل عمل يعمله ابن آدم من الطاعات فإنما هو تبرر لا تنقص من بدنه شيئا إلا الصيام فإنه تعريض من الصائم نفسه للنقصان الذي قد يعف وقد يؤدي إلى الهلاك، والصائم بصيامه مؤثر للرجوع إلى ربه مستسلم لذلك منشرح الصدر فكان صومه له عز اسمه من هذا الوجه، وأما قوله للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه فمعناه والله أعلم. فرحة عند إفطاره بما يجب له من الثواب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى أو يأذن له في الإفطار ولم يأذن له في وصل الليل بالنهار فيتعجل هلاكه، وإنما جاء في الحديث من أن للصائم عند فطره دعوة مستجابة، وفرحة يوم القيامة بما يصل إليه من الثواب والجزاء، وأما الخلوف فإنما جعله أطيب عند الله من ريح المسك ليبين انه وإن كان في الطباع من باب الأذى فإنه عند الله مرضي لا ينبغي إزالته بالسواك وغيره كما لا يزال دم الشهيد عنه بالغسل وأنه يثاب على الصبر عليه كما يثاب على الطعام والشراب والله أعلم.
وقد حكي عن ابن عيينة في قوله الصوم لي.
٣٥٨٢ مكرر-كما أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ثنا أبو الطيب المظفر بن سهل الخليلي ثنا إسحاق بن أيوب بن حسان الواسطي عن أبيه قال: سمعت رجلا يسأل سفيان بن عيينة فقال: يا أبا محمد ما تقول في ما يرويه النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ربه تعالى:
«كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به؟».
فقال ابن عيينة: هذا من أجود الأحاديث وأحكمها، إذا كان يوم القيامة يحاسب الله تعالى عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله تعالى ما بقي عليه من المظالم، ويدخله بالصوم الجنة.
٣٥٨٣ - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ثنا أبو الحسن الكارزي ثنا علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبيد: قد علمنا أن أعمال البر كلها لله تعالى وهو يجزي، فنرى والله أعلم أنه إنما أخص الصوم بأن يكون هو الذي يتولى