للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ، وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد:٢٥].

وقال: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:١٦٥].

وقال: {وَلَوْ أَنّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى} [طه:١٣٤].

فأخبر تعالى انه بعث الرّسل لقطع حجّة العباد.

وقيل في ذلك وجوه:

أحدها: ان الحجة التي قطعت على العباد هي أن يقولوا ان الله جلّ ثناؤه إن كان خلقنا لنعبده، فقد كان ينبغي أن يبيّن لنا العبادة التي يريدها منّا ويرضاها لنا، ما هي؟ وكيف هي؟

فإنه وإن كان في عقولنا الاستجداء له، والشكر على نعمه التي أنعمها علينا فلم يكن فيها أن التذلّل والعبودية منا بماذا ينبغي أن تكون وعلى أي وجه ينبغي أن تظهر فقطعت حجّتهم بأن أمروا ونهوا وشرعت لهم الشرائع، ونهجت لهم المناهج فعرفوا ما يراد منهم وزالت الشبهة عنهم.

والآخر: ان الحجة التي قطعت هي ألاّ يقولوا إنا ركّبنا تركيب شهوة وغفلة وسلط علينا الهوى، ووضعت فينا الشهوات فلو أمددنا بمن إذا سهونا نبّهنا، وإذا مال بنا الهوى إلى وجه قوّمنا لما كان منا إلا الطاعة. ولكن لما خلّينا ونفوسنا، ووكلنا إليها وكانت أحوالنا ما ذكرنا، غلبت الأهواء علينا، ولم نملك قهرها وكانت المعاصي منّا لذلك.

والثالث: أن الحجة التي قطعت هي أن لا يقولوا قد كان في عقولنا حسن الإيمان والصدق والعدل وشكر المنعم، وقبح الكذب والكفر والظلم ولكن لم يكن فيها انّ من ترك الحسن إلى القبيح عذّب بالنار خالدا مخلّدا فيها وأن من ترك القبيح إلى الحسن اثيب بالجنة خالدا مخلدا فيها لأنه إذا كان لا يدرك بالعقل أن لله جلّ جلاله خلقا هو الجنة أو خلقا هو النار الغائبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>