للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذا كلام سمعه موسى عليه السّلام من ربه باسماع الحق إياه بلا ترجمان كان بينه وبينه، ودله بذلك على ربوبيته، ودعاه إلى وحدانيته وعبادته وإقامة الصلاة لذكره، وأخبره أنه اصطفاه لنفسه واصطفاه برسالاته وبكلامه وأنه مبعوث إلى خلقه، فمن زعم أنه إنما سمعه من غير الله عزّ وجلّ فقد زعم أن غير الله ادعى الربوبية لنفسه، ودعا موسى إلى وحدانية نفسه وذلك كفر. وإن زعم أن ذلك الغير دعا إلى الله، كذّبه قوله:

{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ}

و {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي}.

ولكان ذلك الغير يقول: «ربي وربك فاعبده» دلّ على أنه إنما سمعه ممن له الربوبية والوحدانية، ولأن الأمّة اجتمعت مع سائر أهل الملل على أن موسى كان مخصوصا بفضل كلام الله عزّ وجلّ. ولو كان إنما سمعه من مخلوق لم يكن له خاصية، ولا مزية ولا فضل ولا شبه أن يكون من سمعه من جبريل أكثر خاصية منه لزيادة فضل جبريل على صوت يخلقه الله عزّ وجلّ في الوقت لموسى.

وقد روينا في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قصة مناظرة آدم وموسى قال:

«فقال آدم: لموسى: أنت نبيّ بني إسرائيل الّذي كلمك الله من وراء الحجاب، لم يجعل الله بينك وبينه رسولا من خلقه».

١٦٨ - أخبرنا أبو علي الرّوذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن كثير، ثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن سالم-يعني ابن أبي الجعد-عن جابر بن عبد الله، قال:


١٦٨ - أخرجه أبو داود (٣٧٣٤) عن محمد بن كثير عن إسرائيل، والترمذي (٢٩٢٥) عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن كثير عن إسرائيل كلاهما عن عثمان بن المغيرة-به وقال الترمذي- حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجة (٢٠١) والحاكم في المستدرك (٢/ ٦١٢) من طريق إسرائيل-به.
وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>