للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٢ - وقد أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، أنا محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن أبي سنان، عن وهب بن خالد الحمصي، عن ابن الديلمي قال:

«أتيت أبيّ بن كعب فقلت له وقع في نفسي شيء من القدر فحدثني بشيء لعلّ الله جلّ ثناؤه أن يذهبه من قلبي، فقال: لو أنّ الله جلّ ثناءه عذّب أهل سماواته وأهل أرضه، عذّبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم، كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله، ما تقبّله الله منك حتّى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو متّ على غير هذا، لدخلت النّار، قال: ثمّ لقيت ابن مسعود فقال مثل ذلك، ثمّ أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، ثمّ أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مثل ذلك».

وقد روينا عن عبادة بن الصامت وغيره في كيفية الإيمان بالقدر نحو ذلك.

وفي ذلك بيان أنّ المراد بالحديث الأول أن كل مقدور فالله قادره وأنّ الخير والشرّ وإن كانا ضدّين، فإن قادرهما واحد، وليس قادر الشرّ غير قادر الخير، كما تقوله الثنويّة، فإذا ثبت انّ الإيمان بالقدر شعبة من شعب الإيمان فقد دلّ الكتاب ثم السنّة على أنّ الله تعالى علم في الأزل ما يكون من عباده من خير وشرّ، ثم أمر القلم فجرى في اللوح المحفوظ بما علم. قال الله تعالى:

{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ} [يس:١٢]

وقال: {ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها} [الحديد:٢٢].

وقال: {كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً} [الإسراء:٥٨].

وروينا عن عمران بن حصين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:


١٨٢ - أبو سنان هو سعيد بن سنان الشيباني وقد وثقه يحيى بن معين وغيره وتكلم فيه الإمام أحمد. وابن الديلمي وعبد الله بن فيروز.
أخرجه أبو داود (٤٦٩٩)، وابن ماجة (٧٧) من طريق أبي سنان-به.

<<  <  ج: ص:  >  >>