ومعنى الختم التغطية على الشيء والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء فقوله ختم الله على قلوبهم أي طبع الله والخاتم بمنزلة الطابع والمعنى أنها لا تعقل ولا تعي خيرا فأخبر أنه حال بينهم وبين الدواعي إلى الإيمان أن يخلص إلى قلوبهم وحال بين قلوبهم وبين ابصار ما في الإيمان من الصواب فدل ذلك على أن الكافر مطبوع على قلبه مستحيل وجود الإيمان منه وقال:{أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ} فأخبر أن المطبوع عليه غافل ووجود الفعل الذي شرطه الاختيار عن الغافل عنه غير ممكن وأصل الطبع في اللغة من الوسخ والدنس يغشيان السيف ثم يستعمل فيما يشبه الوسخ والدنس من الآثام والأقذار وغيرها من المقابح والاستثناء في قوله: {بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً}. من جماعة اليهود الذين ابتدأت القصة بذكرهم لا من المطبوع على قلوبهم ويجوز أن يكونوا مأمورين بالإيمان ولا يجوز وجوده منهم فقد أخبر الله عز وجل عن جماعة من الكفار أنهم لا يؤمنون والأمر بالإيمان غير زائل عنهم وأخبر أنه أوحى إلى نوح عليه السّلام أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ولذلك غرقهم ثم لا يجوز أن يقال إن الأمر بالإيمان زال عنهم ولعن إبليس وجعله شيطانا فصار ممن لا يؤمن ولا يتوب أبدا ولا يجوز أن يقال إن الأمر بالإيمان والتوبة زائل عنه فكذلك المطبوع على قلبه والله أعلم وهكذا كله معنى قول الحليمي وغيره من أهل العلم.
٧٢١٣ - أخبرنا أبو سعد الماليني أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ نا ابن مكرم ومحمد بن إسماعيل قالا: نا عبد الله بن يوسف نا سليمان بن مسلم حدثني سليمان التيمي عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
«الطابع معلقة بقائمة عرش الله عز وجل فإذا انتهكت الحرمة».