للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فنزل ففتح الباب ثم ارتقى إلى الغرفة وأطفأ السراج والتجأ الى زاوية من زوايا الغرفة فجلس فيها فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون كفي إليه فقال: أوه من كف ما ألينها إن نجت من عذاب الله. قال: فقلت في نفسي: لتكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب نقي.

قال فقال له: خذ لما جئناك له رحمك الله. فقال له: يا أمير المؤمنين بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكا إليه فكتب إليه يا أخي اذكر طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد فإن ذلك يطرق بك إلى الرب نائما ويقظانا وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد بك ومنقطع الرجاء فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر. فقال له عمر: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبي بكتابك لا وليت ولاية حتى ألقى الله.

قال: فبكى هارون بكاء شديدا ثم قال: زدني رحمك الله. فقال: يا أمير المؤمنين بلغني أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة. فقال لهم: إني بليت البلاء فأشيروا علي فعدّ الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة. فقال محمد بن كعب القرظي: إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا وأوسطهم عندك أخا وأصغرهم عندك ولدا فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن على ولدك. وقال له سالم بن عبد الله: إن أردت النجاة من عذاب الله فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت. وقال له رجاء بن حيوة: إن أردت النجاة غدا من عذاب الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك وإني لأقول لك هذا وإني لأخاف عليك أشد الخوف يوم تزل فيه الأقدام. فهل معك رحمك الله من يأمرك بمثل هذا؟ فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشي عليه فقلت له: ارفق بأمير المؤمنين. فقال له: يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا ثم إنه أفاق فقال له: زدني رحمك الله. فقال له: يا أمير المؤمنين يا حسن الوجه أنت الذي يسأله الله عن هذا الخلق يوم القيامة فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل. فقال له هارون الرشيد: عليك دين؟ قال: نعم، دين لربي لم يحاسبني عليه فالويل لي إن ناقشني والويل لي إن [لم] ألهم حجتي فقال: إنما أعني دين العيال، فقال: إن ربي لما يأمرني بهذا أمرني أن أصدق

<<  <  ج: ص:  >  >>