عبد الله محمد بن يزيد (الجوزي)(١)، ثنا زكريا بن يحيى البزاز، ثنا زيد بن أخزم الطائي، ثنا عامر بن مدرك، ثنا عتبة بن يقظان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«ما أحسن من محسن، كافر أو مسلم، إلاّ أثابه الله عزّ وجلّ».
قلنا يا رسول الله! وما إثابة الله الكافر؟ قال:«إن كان وصل رحما، أو تصدّق بصدقة، أو عمل حسنة أثابه الله تعالى وإثابته إيّاه المال والولد والصحة وأشباه ذلك». قال قلنا: وما أثابته في الآخرة؟ قال:«عذاب دون العذاب»، وقرأ:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ}[غافر:٤٦].
قال البيهقي رحمه الله: وهذا ان ثبت ففيه الحجّة، وإن لم يثبت لأنّ في إسناده من لا يحتجّ به-
-وحديث أبي طالب صحيح، ولا معنى لإنكار الحليمي رحمه الله الحديث ولا أدري كيف ذهب عنه صحة ذلك، فقد روي من أوجه عن عبد الملك بن عمير، وروي من وجه آخر صحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بمعناه.
وقد أخرجه صاحب الصحيح وغيرهما من الأئمة في كتبهم الصحاح وإنما يصحّ لمن ذهب المذهب الثاني في خيرات الكافر أن يقول حديث أبي طالب خاصّ في التخفيف عن عذابه بما صنع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، خصّ به أبو طالب لأجل النبي صلّى الله عليه وسلّم تطييبا لقلبه وثوابا له في نفسه لا لأبي طالب، فإنّ حسنات أبي طالب صارت بموته على كفره هباء منثورا.
ومثل هذا حديث عروة بن الزبير في اعتاق أبي لهب ثويبة وإرضاعها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله في النّوم بشرّ خيبة فقال له:
ما لقيت؟ فقال أبو لهب: لم نر بعدكم رجاء غير أنّي سقيت في هذه منّي بعتاقتي ثويبة وأشار إلى النقيرة التي بين الإبهام والتي تليها.
وهذا أيضا لأنّ الإحسان كان مرجعه إلى صاحب النبوة فلم يضيّع. والله أعلم.