للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل: المراد بالكبائر التي شرط في المغفرة اجتنابها هي الشرك فهي في هذه الآية مطلقة، وتكفير السيئات بها مطلقة، وهما في الآية التي احتججنا بها في الموضعين مقيدتان فوجب الجمع بينهما وحمل المطلق على المقيد.

فإن قيل قد توعّد أصحاب الكبائر بالنار والخلود فيها، ولم يستثن منهم إلا التائبين فقال:

{وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ} إلى أن قال: {إِلاّ مَنْ تابَ} [الفرقان:٦٨ - ٧٠].

قيل: هذا الوعيد ينصرف إلى جميع ما تقدم ذكره فإن الله جلّ ثناؤه افتتح هذه الآية بذكر الشرك فقال:

{وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ} [الفرقان:٦٨].

فانصرف قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ} إلى جميع ما تقدم ذكره ومن جمع بين هذه الكبائر هذا الوعيد. والذي يدل على هذا أنّه قال: {يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ} وإنّما أراد-والله أعلم-أنّ من جمع بين الشرك وغيره من الكبائر، جمع عليه مع عذاب الشرك عذاب الكبائر فيصير العذاب مضاعفا عليه ثم قال: {إِلاّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً} فذكر في التوبة الإيمان والعمل الصالح وذلك ليحبط الإيمان كفره ويحبط إصلاحه في الإيمان ما تقدم من إفساده في الكفر كما روينا فيه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.

فإن قيل: وقد قال:

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها} [النساء:٩٣].

قيل: قد ذهب أهل التفسير إلى أنّ هذه الآية نزلت فيمن قتل، وارتدّ عن الإسلام، وذهب بعض أصحابنا إلى أنّ الآية مقصورة على سببها.

٢٩٦ - أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محبوب الدّهان، ثنا الحسين بن


٢٩٦ - قال الذهبي في التجريد (٢/ ١٢٠) هشام بن ضبابة الكناني الليثي أخو مقيس. أسلم ووجد قتيلا من بني النجار وقال ابن إسحاق وغيره قتل في غزوة المريسيع قتله أنصاري وظنه من العدو. والحديث عزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ١٩٥) للمصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>