فإذا صعقوا جميعا، يقول الله عز وجل يا إسرافيل من بقي؟ فيقول: بقي إسرافيل عبدك الضعيف. فيقول مت يا إسرافيل! فيموت ثمّ يقول الجبار تعالى: لمن الملك اليوم فلا هميس ولا حسيس ولا ناطق يتكلّم، ولا مجيب يفهّم، وقد مات حملة العرش وإسرافيل وملك الموت وكلّ مخلوق فيردّ الجبّار على نفسه {لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ}[غافر:١٦]. وذلك حين تمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدّل لكلماته {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فيتم كلمته بإنفاذ قضائه على أهل أرضه وسمائه لقوله تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[القصص:
٨٢].
فإما إسرافيل فيموت ثم يحيى في طرفة عين وإمّا حملة العرش فيحيون في أسرع من طرفة عين فيأمر الله تعالى إسرافيل بعد النفخة الأولى بأربعين وكذلك هو في التوراة بين النفختين أربعون، لا يدرى ما هو. فإذا انقضت الأربعون نظر الله إلى أهل السموات وإلى أهل الأرضين فيقول وعزّتي لأعيدنّكم كما بدأتكم ولأحيينّكم كما أمتّكم، ثم يأمر إسرافيل فينفخ النفخة الثانية، وقد جمعت الأرواح كلها في الصّور، فإذا نفخ خرج كلّ روح من كوّة معلومة من كوى الصّور، فإذا الأرواح تهوش بين السماء والأرض لها دويّ كدويّ النّحل، فينادي إسرافيل: يا أيّتها الجلود المتمزقة! ويا أيّتها الأعضاء المتهشّمة! ويا أيّتها العظام البالية! ويا أيّتها الأجساد المتفرّقة! ويا أيّتها الأشعار المتمرّطة! قوموا إلى موقف الحساب والعرض الأكبر فيدخل كلّ روح في جسده قال: ويمطر الله طيشا من تحت العرش على جميع الموتى، فيحيون كما تحيى الأرض الميتة بوابل السّماء، فيبعث الله الأجساد التي كانت في الدنيا من حيث كانت بعضها في بطون السباع، وبعضها من حواصل الطير وبنيان البحور وبطون الأرض وظهورها، فيدخل كلّ روح في جسده فإذا هم قيام ينظرون، فيبعث الله نارا من المشارق، فتحشر النّاس إلى المغارب إلى أرض تسمّى السّاهرة من وراء بيت المقدس أرض طاهرة لم يعمل عليها سيئة ولا خطيئة فذلك قوله: