للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الإمام أحمد رحمه الله:

١١٦٤ - ثم قد روينا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:

«الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كيّة بنار، وأنا أنهى أمّتي عن الكيّ».

وهذا القول صدر منه بعد قصّة أسعد بن زرارة. ويشبه أن يكون بعد قصّة أبيّ أيضا بهذا النهي-والله تعالى أعلم-التنزيه. فقد روى هذا الحديث بعينه جابر بن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:

«إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة حجّام، أو شربة عسل، أو لدغة بنار، وما أحبّ أن أكتوي».

وهذا يدلّ على أنّ ذلك على غير التحريم.

١١٦٥ - وروينا عن عمران بن حصين أنّه قال نهانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الكي فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا.

وفي هذا ما دلّ على أنّه على غير التحريم إذ لو كان على طريق التحريم لم يكتو عمران بن حصين بعد علمه بالنهي غير أنّه ركب المكروه ففارقه ملك كان يسلّم عليه فحزن على ذلك. وقال هذا القول: ثم قد روي أنّه عاد إليه قبل موته. وإذا كان الكيّ بحكم هذه الأخبار مكروها فارق حكمه حكم سائر الأسباب التي ليست فيها كراهية حين استحقّ تاركه الثناء الذي قدمنا ذكره.

وأمّا الاسترقاء فقد روينا الرخصة فيه بما يعلم من كتاب الله أو ذكره من غير كراهية؛ وإنّما الكراهية فيما لا نعلم من لسان اليهود وغيرهم فكان التارك لما كان مكروها هو المستحقّ لهذا الثناء، والله تعالى أعلم. ويحتمل أن يكون هذا هو المراد بما ورى عقّار بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكّل».


١١٦٤ - أخرجه البخاري (١٠/ ١٣٧ فتح) من طريق سالم الأفطس عن سعيد بن جبير-به.
١١٦٥ - أخرجه أبو داود (٣٨٦٥) والترمذي (٢٠٤٩) وابن ماجة (٣٤٩٠) عن عمران بن حصين. وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>