للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«لو توكّلتم على الله حقّ توكّله» الحديث.

لما أثبته النبي صلّى الله عليه وسلّم متوكّلا لم يخل مع توكّل من الحركات مع عدم المطالب، والقاصد في حركاته، كان المتحرك بالوصف الذي قدمنا ذكره، متوكّلا مع وجود الحركة منه كالطّير مع وجود الحركة فيه بتصحيح النبي صلّى الله عليه وسلّم التوكّل له ولم يمنعه من الحركة على معنى وصفه.

قال البيهقي رحمه الله: فمن ذهب إلى هذا فتكسّب بإذن الله تعالى في ذلك، وشكر الله تعالى على أنّه جعله سببا لمعاشه، وأنّه هداه له، وأعانه عليه، ونفعه به ثم من زهد منهم في الدنيا ورغب في الآخرة، اكتفى بأقلّ ما يكون قوتا، وتصدّق بالباقي، كما كان القراء من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم يصنعونه، أو اقتصر على اكتساب أقلّ ما يكون قوتا ثمّ اشتغل بعد ذلك في العبادة والله أعلم.

١٢٨٤ - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثني سعيد بن أسد، أنا ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة قال: قلت لحسّان بن أبي سنان:

أما تحدّثك نفسك بالفاقة؟

قال: بلى، فأقول لها: يا نفس إذا كان ذلك أخذت بالمسحاه فجلست مع الفعلة فأصبت دانقا أو دانقين فتعيشين به فتسكن.

قال ابن شوذب: كان حسان بن أبي سنان رجلا من تجّار أهل البصرة له شريك بالبصرة وهو مقيم بالأهواز، يجهّز على شريكه بالبصرة، ثمّ يجتمعان على رأس كلّ سنة يتحاسبان، ثمّ يقتسمان الربح فكان يأخذ قوته من ربحه ويتصدق بما بقي، وكان صاحبه يبني الدّور ويتّخذ الأرض.

قال: فقدم حسان قدمة البصرة ففرّق ما أراد أن يفرّق فذكر له أهل بيت لم تكن حاجتهم ظهرت، فقال أما كنتم تخبرونا قال: فاستقرض لهم ثلاثمائة درهم فبعث بها إليهم.


١٢٨٤ - أخرجه المصنف من طريق يعقوب بن سفيان في التاريخ (٢/ ٦٨ و ٦٩).
وانظر الحلية (٣/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>