للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال أرى رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض؛ والله لا أطلبه في الأرض أبدا فدخل خربة بالكوفة فلم يأته يومين شيء فلمّا كان اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب وكان له أخ أحسن نية منه فأصاب دوخلتين فكان ذلك حالهما حتّى فرق الموت بينهما.

١٣٣٧ - وفيما أنيأني أبو عبد الله الحافظ رحمه الله إجازة، ثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكارزي، ثنا أبو رجاء محمد بن أحمد القاضي، قال: سمعت أبا الفضل العباس بن الفرج الرياشي يقول: سمعت عبد الملك بن قريب الأصمعي يقول: أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة وبينما أنا في بعض سككها إذ أقبل أعرابيّ جلف جافّ على قعود له، متقلّدا سيفه، وبيده قوس، فدنا وسلّم وقال: ممّن الرجل؟ فقلت: من بني الأصمع. فقال لي: أنت الأصمعيّ؟ قلت: نعم، قال: من أين أقبلت؟ قلت:

من موضع يتلى كلام الرحمن فيه قال: أو للرحمن كلام يتلوه الآدميون؟ فقلت:

نعم يا أعرابي، فقال: أتل عليّ شيئا منه، فقلت انزل من قعودك، فنزل وابتدأت بسورة {الذّارِياتِ ذَرْواً} حتى انتهيت إلى قوله تعالى: {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ}.

قال الأعرابي يا أصمعي هذا كلام الرحمن؟ قلت: إي والذي بعث محمدا بالحقّ إنّه لكلامه أنزله على نبيّه محمد صلّى الله عليه وسلّم. فقال لي حسبك. فقام إلى ناقته فنحرها بسيفه، وقطعها بجلدها وقال: أعنّي على تفرقتها، فوزّعناها على من أقبل وأدبر، ثم كسر سيفه، وقوسه، وجعلها تحت الرملة، وولّى مدبرا نحو البادية، وهو يقول: {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ} [الذاريات:٢٢]، يردّدها فلمّا تغيّب عنّي في حيطان البصرة، أقبلت على نفسي ألومها، وقلت: يا أصمعيّ! قرأت القرآن منذ ثلاثين سنة ومررت بهذه وأمثالها وأشباهها فلم تتنبّه لما تنبّه له هذا الأعرابيّ، ولم يعلم أنّ للرحمن كلاما. فلمّا قضى الله من أمري ما أحبّ، حججت مع هارون الرشيد أمير المؤمنين فبينا أنا أطوف بالكعبة إذا أنا بهاتف يهتف بصوت رقيق: تعال يا أصمعيّ! تعال يا أصمعيّ، قال فالتفتّ فإذا أنا بالإعرابي منهوكا مصفارا، فجاء، وسلّم عليّ، وأخذ بيدي وأجلسني وراء المقام، فقال: اتل من كلام الرحمن ذلك الذي تتلوه فابتدأت ثانيا بسورة

<<  <  ج: ص:  >  >>