ومن الشح على الدين أن المؤمن إذا كان بين قوم لا يستطيع أن يوفي الدين حقوقه بين ظهرانيهم ويخشى أن يفتنوه عن دينه وكان إذا قاربهم يجد لنفسه مأمنا يتبوأه ويكون فيه أحسن حالا منه بين هؤلاء لم يقم بين ظهرانيهم وهاجر إلى حيث يعلم أنه خير له وأوفق قال الله تعالى:
وعلى هذا الوجه كانت هجرة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ديار الكفار وليلقوه ويصحبوه ويهاجروا معه ثم هذا الحكم فيمن لم يمكنه اظهار دينه في موضعه باق بعده. وقد تكلمنا على هذه المسألة في كتاب السير من كتاب السنن.
وروينا في كتاب دلائل النبوة ما قاسى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الشدائد والمكاره لمحاورة الكفار حتى أمروا بالهجرة إلى أرض الحبشة ثم إلى المدينة والله تعالى يوفقنا لمتابعة سلفنا فنعم السلف كانوا لنا رضي الله عنهم.
١٦٢٥ - أخبرنا: أبو عبد الحافظ أنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الوهاب أنا يعلى بن عبيد ثنا الأعمش عن أبي مسلم عن أبي الضحى عن مسروق عن خباب كنت رجلا قينا وكان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد. قال: قلت والله لا أكفر به أبدا حتى تموت ثم تبعث. قال: فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مالا وولدا فأعطيتك فأنزل الله عز وجل:
١٦٢٦ - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عطاء الخراساني قال كنت عند سعيد بن المسيب فذكرت بلالا فقال كان شحيحا على دينه وكان يعذب في الله وكان يعذب على دينه فإذا أراد المشركون يقاربهم قال: الله الله.
١٦٢٥ - أخرجه البخاري (٤/ ٣١٧ - فتح) من طريق شعبة عن الأعمش.