للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٥ - وبإسناده حدثنا حميد بن زنجويه، ثنا هشام بن عمار، ثنا صدقة بن خالد، ثنا عثمان بن الأسود. قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: الرجل يقول: لا أدري أمؤمن أنا أم لا؟ قال: سبحان الله! قال الله تعالى:

{(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)} [البقرة:٣].

فهو الغيب فمن آمن بالغيب، فهو مؤمن بالله.

قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي-رحمه الله-فهذا الذي روينا من إطلاق معاذ، وما روي مرسلا من تصويب عمر، وقول عطاء في تسمية من آمن بالله وبرسوله، بالمؤمن يرجع إلى الحال.

قال الحليمي-رحمه الله تعالى-:

لا ينبغي للمؤمن أن يمتنع من تسمية نفسه مؤمنا في الحال لأجل ما يخشاه من سوء العاقبة-نعوذ بالله منه-لأنّ ذلك وإن وقع وحبط ما قدّم من إيمانه، فليس ينقلب الموجود منه معدوما من أصله وإنّما يحبط أجره، ويبطل ثوابه.

وبسط الكلام في شرح ذلك.

وأما من أنكر من السلف إطلاق اسم الإيمان، فالموضع الذي يليق به ما قال: ان يقول الواحد: أنا مؤمن، وأعيش مؤمنا، وأموت مؤمنا، وألقى الله مؤمنا، ولا يستثني كان. ولذلك قال ابن مسعود: قل إنّي في الجنّة. لأنّ من مات مؤمنا، كان في الجنّة، وليس كلّ من كان مؤمنا ساعة من عمره أو يوما أو سنة، كان في الجنّة، فعلمنا أن عبد الله إنّما قال هذا لمن اتّكل على إيمانه، فقطع بأنّه مؤمن مطلق في عامّة أحواله وأوقاته، فلا يعيش إلاّ مؤمنا، ولا يموت إلاّ مؤمنا، ولم يكل أمره إلى الله عزّ وجلّ.

فأما قول المؤمن: أنا الآن مؤمن فليس ممّا ينكر، وإنّما يصحّ الاستثناء إذا كان الخبر عن المستقبل خاصة، فيكون المعنى أرجو أن يمنّ عليّ بالتثبت ولا يسلبني هدايته بعد أن آتانيها.

قال: وللاستثناء موضع آخر يصحّ فيه ويحسن، وهو أن يردّ على كمال الإيمان لا على أصله وأسّه، كما روي أن رجلا سأل قتادة: أمؤمن أنت؟ فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>