باب النفقات للزوجات والأقارب والمماليك.
[تعريفها]
النفقات جمع نفقة: وهي كفاية من يمونه طعاماً وشراباً وكسوة وسكنى وعفافاً.
وأسباب النفقة ثلاثة: الزوجية _ والقرابة _ والملك.
• وبدأ المصنف - رحمه الله - بالنفقة على الزوجات لأمرين:
أولاً: لأنها أقوى النفقات.
ثانياً: لأنها معاوضة، فتطالب بها أو لها الفسخ.
م/ على الإنسان نفقة زوجتِه وكسوتها ومسكنها بالمعروف بحسب حال الزوج.
أي: يجب على الزوج أن ينفق على زوجته [من طعام وشراب] وكسوتها [من لباس ونحوه] ومسكنها.
قال ابن قدامة: (نفقة الزوجة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع).
قال تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ).
وقال تعالى (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ).
وعن جابر. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس فقال (اتقوا الله في النساء … ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف) رواه مسلم.
وعن عائشة. قالت (دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل عليّ في ذلك من جناح؟ فقال: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) متفق عليه.
وفي سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن حق الزوجة على زوجها قال (أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت).
ومن جهة المعنى: أن المرأة محبوسة على الزوج بمنعها من التصرف والاكتساب للتفرغ لحقه، فلا بد أن ينفق عليها كالعبد مع سيده.
وقال ابن قدامة: اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشزين، ذكره ابن المنذر وغيره.
وقال الحافظ ابن حجر: وانعقد الإجماع على الوجوب.
• والنفقة على الزوجة فضلها عظيم:
عن أبي مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة). متفق عليه
وعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك). متفق عليه
• قوله (بحسب حال الزوج) أي أن المعتبر بالإنفاق حال الزوج لا حال الزوجة لقوله تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) وهذا مذهب الشافعي وهو الصحيح، فالآية نص صريح في اعتبار النفقة بحال الزوج، فيجب العمل به.
وعلى هذا القول: فإذا كان فقيراً فليس لها إلا نفقة فقير، وإذا كان غنياً ألزم بنفقة غني ولو كانت الزوجة فقيرة.
وذهب بعض العلماء إلى أن المعتبر حال الزوجة وهو قول مالك وأبي حنيفة لقوله -صلى الله عليه وسلم- لهند (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)، وعلى هذا القول: فإذا كانت فقيرة، فليس لها إلا نفقة فقيرة ولو كان زوجها من أغنياء العالم.