بَابُ مَا يُوجِبُ اَلْغُسْلَ وَصِفَتِهِ
سيذكر المصنف في هذا الباب موجبات الغسل وصفته:
والغسل: بضم العين، وهو تعميم البدن بالماء.
م/ وَيَجِبُ اَلْغُسْلُ مِنَ: اَلْجَنَابَةِ: وَهِيَ: إِنْزَالُ اَلْمَنِيِّ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ.
الجنابة: هي إنزال المني، وسمي من عليه جنابة جنباً لأنه يتجنب الصلاة والعبادة، أو لأن المني بَعُدَ عن محله وانتقل.
الموجب الأول: إنزال المني، وقد قيده بعض الفقهاء أن يكون دفقاً بلذة.
قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا).
وعن أم سلمة (أن أم سُليم قالت: يا رسول الله؛ إن الله لا يستحي من الحق؛ فهل على المرأة من غسل إن هي احتلمت؟ قال: نعم، إذا رأت الماء). متفق عليه
احتلمت: الاحتلام اسم لما يراه النائم من الجماع، فيحدث معه إنزال المني غالباً.
وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الماء من الماء). متفق عليه
(إنما الماء) أي ماء الغسل. (من الماء) أي من المني.
قال النووي: " وقد أجمع المسلمون على وجوب الغسل على الرجل والمرأة بخروج المني ".
• قولنا: (خروج المني بلذة وتدفق) مفهومه أنه لو خرج بلا لذة ولا تدفق؛ فلا غسل عليه، وهذا في اليقظان واضح، وهو الراجح؛ أنه لا غسل عليه، فلو خرج منه لغير ذلك كبرد أو مرض ونحوهما فلا غسل عليه، بل يكون نجساً يغسل كغيره وليس منياً.
• وأما النائم فعليه الغسل مطلقاً، لأنه قد لا يحس به، وهذا يقع بكثرة، فإذا استيقظ الإنسان فوجد الأثر ولم يشعر باحتلام؛ فعليه الغسل، بدليل حديث أم سلمة حين سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها من غسل؟ قال: (نعم، إذا هي رأت الماء)
فأوجب الغسل برؤية الماء ولم يشترط أكثر من ذلك، فدل على وجوب الغسل إذا استيقظ ووجد الماء.
وقول المصنف (بوطء وغيره) كالاستمناء.
قوله (إنزال المني) لا بد من إنزال المني، فلو أحس بانتقاله لكنه لم يخرج؛ فليس عليه غسل، وهذا مذهب الجمهور واختيار ابن تيمية ورجحه ابن قدامة.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علق الاغتسال على الرؤية بقوله: (إذا رأت الماء) فلا يثبت الحكم بدونه، ولو وجب الغسل بالانتقال لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم- لدعاء الحاجة إلى بيانه.