[باب سجود الشكر]
أي السجود الذي سببه شكر الله تعالى.
م/ وكذا إذا تجددت له نعمة، أو اندفعت عنه نقمة سجد لله شكراً.
سيتكلم المصنف - رحمه الله - هنا عن سجود الشكر. وحكمه كسجود التلاوة: أنه سنة.
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- (كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِداً لِلَّهِ). رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ
وعن عبد الرحمن بن عوف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إني لقيت جبريل عليه السلام، فبشرني وقال: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله شكراً). رواه الحاكم
وَعَنْ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى اَلْيَمَنِ - فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ - قَالَ: فَكَتَبَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اَلْكِتَابَ خَرَّ سَاجِدًا) رَوَاهُ اَلْبَيْهَقِيُّ، وَأَصْلُهُ فِي اَلْبُخَارِيِّ
ونقل فعله عن كثير من السلف:
فقد روي عن أبي بكر أنه سجد لما جاءه خبر فتح اليمامة وقتل مسيلمة الكذاب. رواه عبد الرزاق
وروي أن أمير المؤمنين عمر، سجد لما جاءه خبر بعض الفتوحات في عهده.
وسجد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حين وجد ذا الثدية مع قتلى الخوارج بعد وقعت النهروان بينه وبينهم، لأنه عرف أنه على الحق، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر عن الخوارج أنهم شرّ الناس، وأن سيماهم أن منهم رجلاً ليس له ذراع، وعلى رأس عضده مثل ملحة الثدي.
وثبت أن كعب بن مالك سجد لما جاءته البشرى بتوبة الله عليه.
• وقد ذكر المصنف - رحمه الله - متى يشرع سجود الشكر، فذكر أنه يشرع عند تجد نعمة، أو اندفاع نقمة، سواء كانت هذه النعمة خاصة بالساجد، أم عامة لجميع المسلمين، وكذلك اندفاع نقمة خاصة أو كانت عامة عن المسلمين، فإنه يشرع السجود.
أمثلة: كأن ينجو من حريق، أو ينجو من حادث، أو ينتصر المسلمون على المشركين، أو تندفع نقمة عن المسلمين، أو يجد ضالته.
• لا يشرع السجود للنعم المستمرة - كنعمة الإسلام، ونعمة العافية، ونعمة الصحة، وغيرها - لأن نعم الله دائمة ولا تنقطع، فلو شرع السجود لذلك لاستغرق الإنسان عمره في السجود، وإنما يكون شكر هذه النعم وغيرها بالعبادة والطاعة لله تعالى ..