م/ فمن أعظم الشروط الرضا: لقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ).
هذا الشرط الأول من شروط البيع: وهو الرضا، وهو أن يتراضيا البائع والمشتري، والمعنى: أن يأتيا بالبيع اختياراً.
دليل هذا الشرط: الآية التي ذكر المصنف - رحمه الله - (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) بأي طريق باطل من كذب وغش وخداع (إِلَّا أَنْ تَكُونَ) هذه الأموال (تِجَارَةً) أي معاوضة بالبيع والشراء فهذه حلال لكم (عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) أي: صادرة عن تراض منكم.
وعن أبي سعيد. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنما البيع عن تراض) رواه ابن حبان.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لا يحل مال امرئ مسلمٍ إلا عن طيبِ نفسٍ منه) ومن المعلوم أنه إذا لم يحصل رضا لم يحصل طيب نفس.
ومن النظر: لأنه لو قلنا لا يشترط الرضا لأدى ذلك إلى العدوان والفوضى، فكل من أراد مال غيره يأخذه قهراً ويعطيه ثمنه، وهذا فتح لباب الفوضى والعدوان.
• فإن أكره البائع أو المشتري على البيع لم يصح، لعموم الأدلة الدالة على أن المكره لا يؤاخذ ولا يترتب على عقوده شيء كما قال تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ).
مثال: لو أن سلطاناً أرغم شخصاً على أن يبيع هذه السلعة لفلان فباعها فإن البيع لا يصح لأنها صدرت عن غير تراض.
• لو كان الإكراه بحق فإنه يجوز، مثال: كمن كان مديناً وطالبه الغرماء بالسداد وعنده سلع، فيجبره القاضي على البيع لسداد ديونه، فإن أبى أن يبيع باع الحاكم أمواله وسدد.
مثال آخر: أن يضطر رجل إلى طعام وهو عند هذا الشخص ولا يريد بيعه فإنه يجبر على أن يبيعه.