م/ ويجب فيها العدل بين أولاده لحديث (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) متفق عليه.
أي ويجب على الوالد أن يعدل بين أولاده في العطية، وقد ذكر المصنف - رحمه الله - الحديث الدال على وجوب العدل في العطية بين الأولاد.
عن النعمان بن بشير (أن أباه أتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أكُلَّ ولَدِكَ نَحلْتَه مثلَ هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فارْجِعْهُ) وفي لفظ (فانطلق أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليُشهِدَه على صدقتي، فقال: أفعلتَ هذا بولدِكَ كلِّهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، فرجع أبي، فرد تلك الصدقة) متفق عليه.
وفي رواية لمسلم (قال: فأشْهِد على هذا غيري) ثم قال (أيسُرُّكَ أن يكونوا لك في البرِّ سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذاً).
[أن أباه] أبو النعمان هو بشير بن سعد الأنصاري الخزرجي شهد العقبة ثم بدراً وما بعدها. [إني نحلت] أي أعطيتُ. [ابني هذا] يعني النعمان. [غلاماً كان لي] الغلام يطلق على الصبي الذي دون البلوع ويطلق على الخادم ويطلق على العبد الرقيق وهو المراد هنا [أكلَّ ولَدك نحلتَه] أي: أكل أولادك أعطيتهم مثل ما أعطيت النعمان؟ وهذا الاستفهام حقيقي، قصد به النبي الاستخبار
{لا} لم أفعل ذلك بكل أولادي. {فارْجِعْه} أي الغلام، والمعنى: ارتجع الغلام الذي أعطيت ولدك، لأنه سيترتب على هذه العطية مفاسد من القطيعة والعقوق والبغضاء. [ليشهده على صدقتي] المراد بها النحلة. [واعدلوا بين أولادكم] في البر والعطاء والإحسان حتى في القُبَل. [فأشهد على هذا غيري] هذا أمر، وهذا الأمر أمر تهديد، لأنه -صلى الله عليه وسلم- امتنع من المباشرة لهذه الشهادة وعللها كما في رواية أنها شهادة جور فقال (لا أشهد على جوْر).
• الحديث دليل على وجوب العدل بين الأولاد في الهبة وتحريم التفضيل بين الأولاد، فإذا أعطى بعض الأولاد مبلغاً من المال وجب أن يعطي البقية مثلهم، ويدل على التحريم عدة أمور:
أولاً: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنكر على بشير هذا التصرف.
ثانياً: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سماه جوراً، ومعلوم أن الجور ظلم ومحرم.
ثالثاً: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر برد الغلام ولم يقره على هذه العطية.
رابعاً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتنع من الشهادة، فلو كان هذا أمراً جائزاً لم يمتنع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الشهادة عليه.