للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الوصايا]

الوصايا جمع وصية هي الأمر بالتبرع بالمال بعد الموت، أو الأمر بالتصرف بعد الموت.

قوله (بعد الموت) احترازاً من الهبة، فإنها تبرع في حال الحياة.

مثال تبرع بمال: أوصيت لفلان بعد موتي بـ (١٠٠) ريال.

مثال التصرف: وصيي على أولادي الصغار فلان.

م/ وعن ابن عمر مرفوعاً (ما حق امرئ مسلم له شيء يريدُ أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيتُه مكتوبة عنده) متفق عليه.

ذكر المصنف - رحمه الله - حديث ابن عمر (ما حق امرئ مسلم له شيء يريدُ أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيتُه مكتوبة عنده) ليستدل به على مشروعية الوصية، والمبادرة بكتابة الوصية.

[ما حق امرئ] ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده. [مسلم] هذا الوصف خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، فإن وصية الكافر جائزة عند أهل العلم. [له شيء] جاء في رواية في غير الصحيحين بلفظ (له مال). يتناول المال والقرض والكفارات والدين. [يبيت] جاء عند أحمد (حق على كل مسلم ألا يبيت .... ). [ليلتين] عند مسلم (يبيت ثلاث ليال). [مكتوبة] سواء كتبها بنفسه أو كتبها له غيره.

• والوصية مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.

قال تعالى (من بعد وصية يوصي بها أو دين).

قال تعالى (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية).

وعن ابن عمر - الذي ذكره المصنف - (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلة أو ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) متفق عليه.

وقد أجمع العلماء في جميع الأمصار والأعصار على جواز الوصية [قاله ابن قدامة].

• والحكمة من مشروعيتها: فلأمور جليلة، ومقاصد شريفة، تجمع بين مصالح العباد في الدنيا، ورجاء الثواب والدرجات العلى في الآخرة، ففي الوصية يصل الموصي رحمه وأقرباءه الذين لا يرثون، ويُدخل السعة على المحتاجين، ويخفف الكرب على اليتامى والمساكين. وفي الوصية مصلحة للموصي حيث جعل الإسلام له جزءاً من ماله يبقى ثوابه عليه بعد وفاته، وبهذا يتدارك ما فاته من أعمال البر والإحسان في حياته.

• لكن اختلف العلماء هل هي واجبة أم مستحبة؟

القول الأول: أنها غير واجبة إلا من عليه حقوق للناس.

وهذا قول أكثر العلماء.

القول الثاني: أنها واجبة.

وهو قول داود الظاهري وابن حزم.

لقوله تعالى (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً ...... ).

قالوا: معنى كتب يعني فرض.

ولحديث الباب، وجه الدلالة: قالوا معناه: ليس من حق المسلم أن يبيت ليلتين إلا وقد أوصى، ويؤيد معنى الحديث رواية عند الدارقطني (لا يحل لمسلم أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده).

<<  <  ج: ص:  >  >>