للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب شروط النكاح]

أي سيذكر المصنف - رحمه الله - في هذا الباب شروط النكاح.

الشروط جمع شرط وهو لغة العلامة، واصطلاحاً: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم.

والفرق بين شروط النكاح (التي سيذكرها المصنف في هذا الباب) وبين الشروط في النكاح التي ستأتي فيما بعد من وجهين:

الأول: أن شروط النكاح من وضع الشرع لا يمكن إبطالها، والشروط في النكاح شروط وضعها العاقد ويمكن إبطالها.

الثاني: أن شروط النكاح يتوقف عليها صحته، والشروط في النكاح يتوقف عليها لزومه.

م/ ولا بد فيه من رضا الزوجين.

أي يشترط لصحة النكاح رضا الزوجين، فإن أكره الزوج على التزويج بامرأة لم يصح النكاح، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة.

لحديث أبي هريرة. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله: كيف إذنها؟ قال: أن تسكت) متفق عليه.

[الأيم] هي الثيب التي فارقت زوجها بموت أو طلاق، وقد تطلق على من لا زوج لها.

وقياساً على البيع فإنه يشترط فيه الرضا فكذلك النكاح.

• وعليه فلا يجوز للأب أن يجبر ابنته البالغة على النكاح.

هذا القول هو الصحيح (وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم).

لقوله -صلى الله عليه وسلم- (لا تنكح البكر حتى تستأذن) وهذا عام، ولم يستثن منه الأب.

وعن ابن عباس. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( .. والبكر يستأذنها أبوها) رواه مسلم.

وعن خنساء بنت جذام (أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فردّ نكاحها). رواه البخاري

قال ابن القيم (وهو الذي ندين الله به ولا نعتقد سواه، وهو الموافق لحكم الرسول وأمره ونهيه، وقواعد شريعته ومصالح أمته).

وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز للأب أن يجبر ابنته البالغة على النكاح وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد.

واستدلوا بالحديث السابق (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن) بالمفهوم، لأنه جعل الثيب أحق بنفسها من وليها، فدل على أن ولي البكر أحق بها منها.

وأما الاستئذان فهو تطييب لخاطرها.

والراجح أنه لا يجوز أن يجبرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>