للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

م/ وإن انقلبتِ الخمرَ خلاً حلّت.

أي: إذا انقلبت الخمر بنفسها وصارت خلاً فإنها تحل.

واعلم أن انقلاب الخمر خلاً ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن تخلل بنفسها بدون فعل آدمي فإنها تطهر.

قال النووي: وأجمعوا على أنها إذا انقلبت بنفسها خلاً طهرت، وقد حكي عن سحنون أنها لا تطهر، فإن صح عنه فهو محجوج بإجماع من قبله.

القسم الثاني: أن تخلل بفعل آدمي كما لو تخللت بأن أضاف إليها إنسان شيئاً، أو نقلها من الشمس إلى الظل أو العكس، فقد اختلف العلماء:

القول الأول: لا يجوز ولا تطهر.

وهذا مذهب جمهور العلماء.

لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ اَلْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا? قَالَ: "لَا"). أَخْرَجَهُ مُسْلِم

وفي رواية عند أبي داود وأحمد: (أن أبا طلحة سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أيتام ورثوا خمراً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أهرقها، قال: أفلا أجعلها خلاً؟ قال: لا).

ووجه الاستدلال:

أنه لو كان هناك طريق للانتفاع لتطهير الخمر لأرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظاً للأموال، وأيضاً كما في الرواية الأخرى: (كانت لأيتام) والأيتام أولى بحفظ أموالهم، فلو كان تخليلها جائزاً لأرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وكذلك قوله (أهرقها) دليل على أنه لا يجوز تخليلها، لأنه يجب إراقتها ولا يجوز اقتناؤها.

القول الثاني: يكره تخليلها.

وهذا ذهب إليه بعض السلف كسفيان وابن المبارك.

والراجح الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>