. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فتضمنت هذه الآية ثلاثة أحكام في القاذف:
الأول: جلده ثمانين جلدة.
الثاني: رد شهادته أبداً.
الثالث: فسقه.
• في قوله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ … ) هذا الاستثناء يرفع الحكم الأخير، ولاشك في ذلك، وهو الفسق، فإذا تابوا زال عنهم وصف الفسق إلى العدالة، وهل يرجع الاستثناء إلى ما قبل الأخير وهو أنه إذا تاب قبلت شهادته؟ فيه تفصيل:
o إذا أقيم عليه الحد ولم يتب فإنه لا تقبل شهادته.
o وأما بعد توبته، فقد اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: لا تقبل شهادة المحدود في قذف ولو تاب.
وهذا قول أبي حنيفة.
أ- واستدلوا بقوله تعالى (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً .. ) وجه الدلالة: بأن الله أبّد المنع من قبول شهادتهم، وحكم عليهم بالفسق، ثم استثنى التائبين من الفاسقين، وبقي المنع من قبول الشهادة على إطلاقه وتأبيده.
ب- ولأن رد شهادة القاذف ولو تاب عقوبة من تمام الحد، فلا تسقط هذه العقوبة بالتوبة.
القول الثاني: قبول شهادة القاذف إذا تاب.
وهذا قول الشافعي وأحمد ومالك.
أ- واستدلوا بالاستثناء في آية القذف وهو قوله تعالى ( … إلا الذين تابوا .. ) عائد إلى الجملتين المتعاطفتين قبله في قوله تعالى (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
ب- ولأن الصحابة قبلوا شهادة القاذف كما ذكر ذلك ابن القيم.
ج- وقال ابن القيم: وأعظم موانع الشهادة: الكفر والسحر وقتل النفس وعقوق الوالدين والزنا، ولو تاب من هذه الأشياء قبلت اتفاقاً، والتائب من القذف أولى بالقبول.
د- ولعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
وهذا القول هو الصحيح.