للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

م/ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).

فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ: عِلْمُ اَلْعَبْدِ وَاعْتِقَادِهِ وَالْتِزَامِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ اَلْأُلُوهِيَّةَ وَالْعُبُودِيَّةَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

فَيُوجِبُ ذَلِكَ عَلَى اَلْعَبْدِ: إِخْلَاصَ جَمِيعِ اَلدِّينِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ تَكُونَ عِبَادَاتُهُ اَلظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ كُلُّهَا لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَأَنْ لَا يُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا فِي جَمِيعِ أُمُورِ اَلدِّينِ.

وَهَذَا أَصْلُ دِينِ جَمِيعِ اَلْمُرْسَلِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).

هذا الحديث معناه: أن الإسلام بني على هذه الخمس، فهذه الخمس كالأركان والدعائم لبنيانه، والمقصود تمثيل الإسلام ببنيانه، ودعائمه هذه الخمس، فلا يثبت البنيان بدونها.

فأول هذه الأركان الشهادتين:

شهادة أن لا إله إلا الله: معناها لا معبود بحق إلا الله.

عِلْمُ اَلْعَبْدِ وَاعْتِقَادِهِ وَالْتِزَامِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ اَلْأُلُوهِيَّةَ وَالْعُبُودِيَّةَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ:، فكل آلهة سوى الله باطلة ولا تستحق العبادة، لأنه هو الذي خلقنا ورزقنا وأوجدنا وأنعم علينا وكل خير في الوجود منه سبحانه وتعالى.

بل إنه سبحانه وبخ من عبد غيره، وأن هذه المعبودات ضعيفة لا تقدر على خلق أصغر الأشياء.

قال تعالى (أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ. وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ).

المعنى الإجمالي: قوله (أيشركون) الاستفهام للاستنكار والتوبيخ.

قال المفسرون في هذه الآية: هذا توبيخ وتعنيف للمشركين في عبادتهم مع الله تعالى ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون.

وقد بين الله تعالى في هذه الآية صفات هؤلاء المعبودين من دون الله، وهي أربعة:

أنهم لا يخلقون شيئاً - أنهم مخلوقون مربوبون - أنهم لا يستطيعون لهم نصراً - أنهم لا ينصرون أنفسهم.

وقال تعالى (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ. إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).

معنى الآية: يخبر تعالى عن حال المدعوين من دونه ـ من الملائكة والأنبياء والأصنام وغيرها ـ مما يدل على عجزهم وضعفهم، وأنهم قد انتفت عنهم الأسباب التي تكون في المدعو، وهي:

الملك، وسماع الدعاء، والقدرة على الاستجابة، فمتى لم توجد هذه الشروط تامّة بطلت دعوته، فكيف إذا عدمت بالكلية.

وقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>