أي: يسن للمصلي أن يزيد في الرفع من ركوعه هذا الدعاء لحديث أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ قَالَ:" اَللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ اَلْحَمْدُ مِلْءَ اَلسَّمَوَاتِ وَمِلْءَ اَلْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ اَلثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ اَلْعَبْدُ - وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ - اَللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا اَلْجَدِّ مِنْكَ اَلْجَدُّ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
{مِلْءَ اَلسَّمَوَاتِ وَمِلْءَ اَلْأَرْضِ} قال الخطابي: "هو تمثيل وتقريب، فالكلام لا يقدر بالمكاييل ولا تسعه الأوعية، والمراد تكثير القول لو قدر ذلك أجساماً ملأ ذلك كله". وقال النووي: "قال العلماء: معناه: حمداً لو كان أجساماً لملأ السموات والأرض". وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الصحيح أن المعنى: أن الله محمود على كل مخلوق يخلقه، وعلى كل فعل يفعله ". {وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ} فيه إشارة إلى أن حمد الله تعالى لا منتهى له ولا يحصيه عاد، ولا يجمعه كتاب. {أَهْلَ اَلثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ} أي أنت أهل الثناء والمجد، والثناء: هو المدح بالأوصاف الكاملة، والمجد هو العظمة ونهاية الشرف. {أَحَقُّ مَا قَالَ اَلْعَبْدُ} أي ذلك أحق ما قال العبد، والمراد ما سبق من الثناء والمجد، أحق ما قال العبد: أي أصدقه وأثبته {وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ} فيه التنبيه على أنه تعالى مالك لجميع العباد. {اَللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ} إذا أردتَ إعطاءَه. {وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ} إذا أردت منعه، فما قدر سبحانه عطاءه وجِدَ، وما قدر منعه لا يوجد. {وَلَا يَنْفَعُ ذَا اَلْجَدِّ مِنْكَ اَلْجَدُّ} الجَد بفتح الجيم، هو الحظ والغنى و (من) بمعنى عند، والمعنى: لا ينفع صاحب الغنى عندك غناه ولا حظه، وإنما ينفعه العمل بطاعتك.
• هذا الذكر للإمام والمنفرد والمأموم في الفرض والنفل.
• من الأذكار التي تقال بعد الرفع من الركوع: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، قالها رجل، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً. رواه البخاري.
• المشروع إطالة هذا الركن، وأنه بقدر الركوع، بخلاف كثير من الناس.
قال ابن القيم: "قال شيخنا: إن تقصير هذين الركنين مما تصرف فيه أمراء بني أمية في الصلاة، وأحدثوا فيه كما أحدثوا غير ذلك مما يخالف هديه -صلى الله عليه وسلم-، وربي في ذلك من ربي حتى ظن أنه من السنة".
فقد ثبت عند النسائي عن أنس قال:(إني لا آلو أن أصلي بكم كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا، قال ثابت: فكان أنس يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع من الركوع انتصب قائماً يقول القائل قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجود مكث حتى يقول القائل قد نسي).
• أين يضع يديه بعد الركوع؟
المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله: أنه مخير إما أن يرسلهما من على جنبيه أو أنه يضع اليمنى على اليسرى، والرأي الثاني: أنه يرسلهما ولا يضعهما، والرأي الثالث: أنه يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، ودليل ذلك حديث سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما أنه قال: كان الناس يأمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، وهذا يشمل جميع الصلاة، فالصواب في هذه المسألة: أنه يضع يده اليمنى على اليسرى، هذا الصواب.