م/ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ جِلْسَاتِ اَلصَّلَاةِ إِلَّا فِي اَلتَّشَهُّدِ اَلْأَخِيرِ فَإِنَّهُ يَتَوَرَّكُ: بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَيُخْرِجُ رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى مِنْ اَلْخَلْفِ اَلْأَيْمَنِ.
أي يجلس مفترشاً في جميع جلسات الصلاة [بين السجدتين، في التشهد الأول] لحديث عائشة السابق. فإنه يدل على أن الأصل في الجلوس في التشهد في الصلاة هو الافتراش.
وأخرجنا التشهد الأخير من الصلاة ذات التشهدين لحديث أَبِي حُمَيْدٍ اَلسَّاعِدِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: (رَأَيْتُ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اِسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ اَلْقِبْلَةَ، وَإِذَا جَلَسَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اَلْيُسْرَى وَنَصَبَ اَلْيُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي اَلرَّكْعَةِ اَلْأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى وَنَصَبَ اَلْأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ). أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيُّ
فهو حديث صريح في التفريق بين التشهدين، وهذا مذهب أحمد والشافعي وأهل الحديث.
• الحكمة من التفريق بين التشهدين:
قيل: إزالة الشك واللبس الذي قد يحدث للمصلي.
وقيل: أن التشهد الأول قصير، بخلاف التشهد الثاني فهو طويل.
وجاء في حديث فيه نظر: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا جلس في التشهد الأول فكأنه على الرضف) وهي الحجارة المحمية.
وقيل: أن التشهد الأول يعقبه حركة.
• أما إذا كانت صلاة ذات تشهد واحد كالجمعة والعيد والنوافل.
فقيل: يتورك، وهذا مذهب الشافعي، لأنه يسن تطويله.
وقيل: لا يشرع التورك، وهذا مذهب الحنابلة.
لأن حديث عائشة يدل على أن الأصل في الجلوس في التشهد في الصلاة هو الافتراش، وأخرجنا التشهد الأخير لحديث أبي حميد، وهذا هو الصحيح.
• ذكر المصنف صفة من صفات التورك وهي: بأن يجلس على الأرض ويخرج رجله اليسرى من الخلف.
والتورك له عدة صفات:
الأولى: أن يخرج الرِّجل اليسرى من الجانب الأيمن مفروشة، ويجلس على مقعدته على الأرض، وتكون الرِّجل اليمنى منصوبة. ودليلها حديث أبي حميد السابق.
الثانية: أن يفرش اليمنى، ويدخل اليسرى من بين فخذ وساق الرجل اليمنى. ودليل هذه الصفة:
حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا قَعَدَ فِى الصَّلَاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ) رواه مسلم
الثالثة: أن يفرش القدمين جميعاً، ويخرجهما من الجانب الأيمن. رواه أبو داود [زاد المعاد: ١/ ٢٥٣] والممتع [٣/ ٣٠٠].