وبالكلام عمداً.
أي: وتبطل الصلاة بالكلام عمداً.
قال النووي: "أجمع العلماء على أن الكلام فيها عامداً عالماً بتحريمه بغير مصلحتها وبغير انقاذ وشبهه مبطل للصلاة".
قال الحافظ ابن حجر: "أجمعوا على أن الكلام في الصلاة، من عالم بالتحريم عامد لغير مصلحتها أو إنقاذ مسلم مبطل للصلاة".
لحديث معاوية بن الحكم -رضي الله عنه- قال: (بينا أنا أصلي مع رسول الله، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصَمِّتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله، بأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً قبلَه ولا بعدَه أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني وقال (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن). رواه مسلم
ولحديث زيد بن أرقم أنه قال (إن كنا لنتكلم في الصلاة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلم أحدنا صاحبه في حاجته، حتى نزلت: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام). متفق عليه، واللفظ لمسلم
• قوله (عمداً) نخرج ما لو تكلم جاهلاً، فإن صلاته لا تبطل، وهذه المسألة اختلف العلماء فيها على قولين:
القول الأول: أن صلاته صحيحة.
وهذا مذهب الشافعي ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية.
لحديث معاوية بن الحكم السابق، حيث تكلم معاوية في الصلاة جاهلاً ولم يرد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بالإعادة.
ولقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا).
قال شيخ الإسلام: "الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم بها، فلا يقضي ما لم يعلم وجوبه".
القول الثاني: أن صلاته باطلة.
وهذا مذهب أبي حنيفة.
واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن في الصلاة شغلاً)، والراجح القول الأول.
• وكذلك لو تكلم ناسياً، فإن صلاته لا تبطل على القول الراجح، وهذا مذهب الشافعي، ومالك، والجمهور.
لقوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}.
ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله عفا عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه). رواه ابن ماجه